19 - كان يوم 6 أكتوبر بالنسبة لنسور الجو المصريين بقيادة الفريق محمد حسنى مبارك كأنه يوم إعلان النتيجة لطلاب جدوا واجتهدوا وذاكروا دروسهم «عمليا ونظريا» ولم يبق أمامهم سوى الأمل فى توفيق الله لهم فى مهمتهم الجسورة بأن تكون ضربة البداية على أيديهم... والحمد لله فإن الضربة الجوية الأولى جاءت بأكثر مما يتمنى النسور البواسل.
كان مستوى أداء القوات الجوية فى حرب أكتوبر رفيعا بكل المقاييس المادية والمعنوية منذ لحظة بدء الحرب وحتى نهايتها... وليس هناك أصدق من الأرقام التى تقول بأن أحد الألوية الجوية قام وحده بعدد 2500 طلعة جوية خلال أسبوع واحد.. بينما قام لواء جوى آخر بعدد 3400 طلعة فى أقل من أسبوعين.. ناهيك عن لواء جوى ثالث أنجز خمسة آلاف طلعة خلال 17 يوما تمتد ما بين 6 أكتوبر و23 أكتوبر.
كانت الطائرات المصرية تقلع من دشمها قبل مرور 150 ثانية وأحيانا قبل مرور 130 ثانية من تلقى الأوامر بعد تقويم الطائرات وفتح أبواب الدشم وسيرها على الممر الأولى فالممر الرئيسى إلى أن تنطلق فى السماء صوب أهدافها المحددة.
وهنا ينبغى القول إن النجاح الذى حققته القوات الجوية المصرية فى معاركها التى دارت فوق سيناء أو فى غرب القناة بدءا من شمال بورسعيد ووصولا إلى وسط الدلتا لا يعود فقط إلى الإعداد والتخطيط والتدريب الجيد فحسب، وإنما كان هناك عنصر رئيسى يتمثل فى روعة التنسيق بين القوات الجوية والأفرع الرئيسية الأخرى لقواتنا المسلحة خصوصا بين قوات الدفاع الجوى والقوات الجوية والذى يرجع الفضل فيه إلى المشير أحمد إسماعيل الذى كان حريصا على تأكيد أهمية العمل بروح الفريق داخل المؤسسة العسكرية مثلما يرجع الفضل أيضا إلى التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة التى جمعت بين الفريق محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية والفريق محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى مما أسهم فى تفادى العديد من المطبات المعهودة نتيجة أى خطأ فى الحساب أو التقدير!
وسوف يظل يوم 14 أكتوبر عام 1973 شاهدا على عظمة نسور الجو المصريين بالتعاون والتنسيق مع قواعد الدفاع الجوى فى حسم المعركة الجوية الكبرى التى دارت فى منطقة شمال الدلتا وخسرت فيها إسرائيل 15 طائرة، بينما أصيب من السلاح الجوى المصرى ثلاث طائرات فقط فى ذات التوقيت الذى كانت الطائرات المصرية توفر الغطاء الجوى اللازم لأكبر معركة بالدبابات على أرض سيناء خلال عملية تطوير الهجوم المصرى التى بدأت صباح يوم الأحد 14 أكتوبر.
وغدا نواصل الحديث..