لم تكن «زلة» لسان بقدر ما كانت «بالون اختبار» ما نطقت به الدكتورة «غابة والى» الشهيرة بـ«الدكتورة غادة»، وزيرة التضامن الاجتماعى، أمام مؤتمر «أخبار اليوم الاقتصادى» فى حق نحو 9 ملايين مواطن هم أصحاب المعاشات!
الدكتورة «غابة» استأسدت على أصحاب المعاشات عندما أعلنت، وأمام جميع من كان فى قاعة المؤتمر، «إن الدولة لن تستطيع تحمل 55 مليار جنيه قيمة المعاشات».
يبدو أن الدكتورة «غابة» قد أسقطت من حساباتها أن أموال المعاشات هى أساساً أمانة أودعها المواطنون لدى الحكومة وليست أموال «زكاة أو صدقة» توزعها الحكومة عليهم. وعندما حاولت «د. غابة» تفادى «نُقرة» تصريحها، ببيان وزعته على وكالة أنباء الشرق الأوسط تنفى فيه تأكيدها عدم قدرة الحكومة على استمرار تحمل قيمة المعاشات، أوقعت نفسها فى «دحديرة» وظهر أنها «تتجمل» وليس شيئاً آخر (ومشيها تتجمل هذه المرة)، إذ إن كل من كان فى قاعة المؤتمر قد أكد أنها أعلنت ذلك!!
عموماً سواء طال الزمن أو قصر، وإن كنت أراه قصيراً -بحكم سنها وتصرفاتها- ستصبح «د. غابة» أحد هؤلاء الذين «تستأسد عليهم الآن».. والسطور التالية تعرض ما ستكون عليه صورة «د. غابة» فى المستقبل القريب:
أعلنوا استسلامهم لما يفرضه الزمن جبراً عليهم.. وبدون مقاومة رفعوا «الراية البيضاء» وتنازلوا عن كل شىء.. لم يعد لهم أى أمل فى هذه الدنيا التى اعتادت أن تخاصمهم دوماً سوى فى قدرة مالية على شراء علبة دواء ربما توقف ذلك السعال الذى يكاد يمزق صدورهم أو يضيف مرونة بسيطة إلى شرايينهم تقبل بواسطتها التنازل عن بعض من تصلبها.. وفى معظم الأحيان يتقلص أملهم ليصبح بضعة جنيهات يتركونها لـ«الورثة» لشراء «كفن» يغادرون به الحياة وبعض من «البن» لزوم ليلة العزاء!
انحنى الظهر.. وارتعشت الأيدى.. ووهنت العظام.. ولم يعد القلب قادراً على تحمل المزيد.. وتمرد الدم على شرايينه التى تصلبت.. ولم يعد أمام أى منهم سوى انتظار لحظة مغادرة الدنيا..!!
بالتأكيد لم يعد الكثير منهم يعرف طريقاً سوى إلى الطبيب أو إلى المستشفى.. وتقلصت احتياجاتهم من الدنيا، فكل ما تبقى لأى منهم لا يتعدى ذكريات!!
فى بلاد متخلفة يعاملون أمثالهم بأسلوب خاص «بزعم» احترام حقوق الإنسان ورد حقوقهم إليهم.. يفتحون أبواب المسارح ودور السينما مجاناً أمامهم.. يمنحونهم حق استخدام وسائل المواصلات دون مقابل.. رعاية صحية متميزة.. ولهم الأولوية فى كل شىء..!! بينما نحن نرى أنهم يستنزفون موارد الدولة.. يستحلون ملايين الجنيهات دون أن يقدموا لها شيئاً.. نعتبرهم عبئاً علينا.. مستهلكين وليسوا أبداً منتجين، ولذا نعاملهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة أو الرابعة.. ولذا وجب على الدولة أن تحرمهم من أبسط حقوقهم وتحاول مصادرة أموالهم التى سبق أن سددوها خلال مدة عملهم قبل تقاعدهم!!
نحو 9 ملايين مواطن ينتابهم الأمل سنوياً وهم ينتظرون مشروع زيادة معاشاتهم من جانب الحكومة أملاً فى أن يضيف إلى تلك المعاشات قروشاً قليلة من حقوقهم التى سبق أن سددوها قد تمكنهم بعض الشىء من مواجهة غول الزمن الذى افترس صحتهم ولكنهم يُصابون بالإحباط!
وبدلاً من أن تستجيب الحكومة لهذه الطلبات التى تُعدّ متواضعة للغاية تخرج علينا الدكتورة «غابة» لتستأسد على هؤلاء المواطنين -ظناً من جانبها باستمرارها فى الخدمة مدى عمرها- وتطلق عليهم الرصاص أسوة بـ«خيول الحكومة المريضة»؟!!