بسيونى الحلوانى
الجماهير ترد علي غرور السلفيين
ليست كل مشاهد الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية محبطة ومؤسفة. بل هناك مشاهد ونتائج ايجابية رائعة صنعها الشعب المصري ورد بها علي هؤلاء المغرورين الذين اعتقدوا أنهم يستطيعون خداع المصريين طوال الوقت والحصول علي عضوية مجلس النواب بالتزوير والخداع فكان الرد قاسياً وحاسماً ومبشرا بأن هذا الشعب لديه من الوعي ما يكفي لاختيار مجلس نواب يعبر عن طموحات المصريين في المستقبل.
علي عكس كثير من المراقبين للانتخابات البرلمانية لست محبطا. بل أري أن المصريين تعاملوا بوعي مع هذه الانتخابات حتي الذين لم يشاركوا فيها كان لديهم مبرر ومنطق لا يمكن تجاهله.
¼¼¼
أهم النتائج الايجابية للجولة الأولي للانتخابات كسر غرورالجماعات السلفية التي استخدمت في حملاتها الانتخابية منطق وأساليب جماعة الاخوان في الانتخابات واعتقدوا أنهم سيكتسحون الانتخابات وسيشكلون الحكومة فكان الشعب واعيا ومدركا لخطورة التخلص من تيار إقصائي وجماعة مغرورة والوقوع في براثن تيار آخر ربما أكثر خطورة علي مستقبل هذا الوطن.
رسالة المصريين للسلفيين كان واضحة وحاسمة وتستحق التحية فالشعب ضاق ذرعا بكل المتاجرين بالدين ولن يعطي فرصة لجماعة دينية أو تيار متشدد لكي يتحكم في رقابه من جديد..ولو كان لدي المسئولين عن حزب النور وعي سياسي لانسحبوا من الانتخابات وتوقفوا عن ممارسة السياسة التي ستجلب لهم أزمات أكثر من التي حدثت للاخوان.
¼¼¼
المشهد الآخر الذي ينبغي أن نتعامل معه بوعي هو عزوف كثير من المصريين عن المشاركة في الانتخابات. وهو مشهد ليس كله سلبياً ولا ينبغي أن نوصم العازفين بالسلبية وعدم الوعي لأن كثيرا من الذين عزفوا عن اللجان كان لديهم منطقهم الذي ينبغي أن نحترمه.
سألت "مصطفي" الشاب المصري الوطني الذي يتطلع إلي مجلس نواب قوي يحاسب الحكومة ويراجع الرئيس ويعمل علي ترسيخ ديمقراطية حقيقية لهذا الوطن:لماذا لم تشارك في الانتخابات وأنت تطالب بالديمقراطية؟
قال: أنا وكثير من الذين عزفوا عن المشاركة في الانتخابات لم يجدوا من يستحق أن يمثلهم في مجلس النواب ومن يستحق أن يحصل علي لقب نائب في أقدم وأعرق برلمان عربي.
وأضاف: عدم مشاركتي ليس موقفا ضد النظام وليس سخطا علي أداءالحكومة.. ورغم أن لي ملاحظات كثيرة علي أداء الطرفين فإن المشاركة في اختيار مجلس نواب قوي أراه واجبا وطنياً لا ينبغي أن يتخلي عنه أحد من المصريين.. لكن أين هم المرشحون الأقوياء الذين نختار من بينهم؟
لقد سألت عن مرشحي دائرتي لاختيار الأصلح من بينهم فوجدتهم جميعا بلا رصيد وطني يدفعني للذهاب إلي لجنةالانتخاب.. عندما نجدالمرشحين الأقوياء سنذهب ونشارك ونختار.
منطق مصطفي وأمثاله يجب أن يحترم وهذه رسالة للمغمورين وأصحاب المصالح الذين يعتقدون أنهم قادرون علي خداع الشعب طوال الوقت.
¼¼¼
المشهد الثالث الذي أراه إنجازا ديمقراطيا رائعا في هذه التجربةالجديدة هو عدم السماح بالتزوير وتقفيل الصناديق وهو مشهد جديد علي الانتخابات البرلمانية المصرية ويؤكد رغبة النظام السياسي في انتخابات حرة وعدم الانحيازلأي تيار سياسي.
لقد سئمنا من تدخل الحكومات السابقة في الانتخابات البرلمانية والنقابية وغيرها ولابد أن نقف وراء هذا التوجه الديمقراطي وندعمه بكل الوسائل. فالوطن في أمس الحاجة إلي برلمان قوي يحاسب الرئيس ويختار الحكومة القادرة علي التعامل مع مشكلات الوطن وأزماته.
لابد أن ينتهي عصر البرلمانات الورقية التي "تمثل علي الشعب" وتحمي الحكومات الفاسدة وتوفر الحماية للفاسدين الذين يحيطون بنا من كل جانب.
سألت عن اثنين من المرشحين في دائرتي بمحافظة الجيزة لأختار أحدهما وكانت الصدمة أنهما من مافيا المباني المخالفة وأنهما يتطلعان إلي عضوية البرلمان ليوفرا لنفسيهما الحماية من السجن بعد أن أقاما العشرات من العمارات المخالفة لكل القوانين واستطاعا إسكات موظفي المحافظة بطريقتها الخاصة.
فهل هؤلاء الذين نذهب إلي لجان الاقتراع لاختيارهم؟
تحية للشعب المصري الذي سجل مشاهد إيجابية رائعة في الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية.