مشكلة مصر فى ليبيا ليست مواطنيها الـ٢١ المخطوفين والمهددين بالإعدام، وليست كذلك العمالة الكبيرة الموجودة هناك، المشكلة هى فى دولة داعش التى تكبر يوما بعد يوم.
كان الله فى عون أهالى الضحايا المخطوفين، وأغلب الظن أنه إذا استمرت الأحوال على ما هى عليه، فعلينا أن نتوقع عمليات خطف كثيرة مماثلة.
شهدنا فى الماضى مسلحين يخطفون مئات السائقين المصريين فى ليبيا للضغط على الحكومة للإفراج عن أقاربهم المهربين وتجار السلاح الذين تم اتهامهم وإدانتهم فى محاكم مصرية، هؤلاء كانوا يريدون تحقيق هدف محدد وصغير ويمكن التعامل معه فى إطار المواءمات.
لكن الأمر مع داعش أو أنصار الشريعة مختلف، هم يكفرون الجميع، فإذا كانوا يرون غالبية المسلمين خارجين عن أصول الدين الصحيح فهل نتوقع منهم الرأفة بالمسيحيين المصريين؟!!.
هناك سؤال طبيعى ماذا ينبغى على الحكومة المصرية أن تفعل ليس فقط لمواجهة حادث الخطف الراهن بل وحوادث مماثلة قد تتكرر مستقبلا؟!
للموضوعية وبعيدا عن المبالغة فإن الخيارات المتاحة أمام الحكومة المصرية محدودة للغاية وأحلاها مر.
أولا: وكما هو معروف، فإن مصر تعترف فقط بالحكومة الشرعية فى طبرق وبنى غازى لأن العالم بأكمله والأمم المتحدة يعترفان بهذه الحكومة وبرلمانها المنتخب، حتى بعد حله من قبل محكمة دستورية تم تهديدها من قبل جماعة الإخوان المسلمين وتحالفها المسمى «فجر ليبيا».
ثم إن ما يسمى بحكومة طرابلس ــ والمشكلة من الإخوان وثوار مصراتة وبعض الفصائل الإسلامية الأخرى ــ غير شرعية ولا يتعامل معها إلا قطر وتركيا وجماعة الإخوان. هى اتخذت موقفا معاديا من مصر منذ الإطاحة بحكم الإخوان فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وبالتالى فلا يمكن لمصر عمليا أن تتواصل معهم فى موقف مثل هذا لأنهم ببساطة سيطالبون بمطالب سياسية، وربما يتكرر مثل هذا الحادث للحصول على مكاسب سياسية أخرى.
الإخوان ومجموعة فجر ليبيا ظلوا حتى فترة قريبة ينسقون مع «أنصار الشريعة» التى اندمجت لاحقا مع داعش، وخاضوا معا معركة مطار طرابلس قبل شهور حينما حاربوا الجيش الليبى الشرعى الذى كان متحالفا مع اللواء خليفة حفتر قبل أن يعود حفتر للخدمة رسميا قبل أسابيع.
الآن ربما هناك بعض الخلافات بين داعش أو أنصار الشريعة وبين مجموعة فجر ليبيا، والأخيرة أعلنت رسميا أمس الأول أنها ستحرك قوات من طرابلس إلى سرت ــ حيث تتحصن داعش ــ لإعادة الأمن والنظام، وبالتالى فهى لا تستطيع أن تساعد فى تحرير المخطوفين إلا عبر عملية عسكرية، يشكك كثيرون فى نجاحها سواء تمت بواسطتهم أو بواسطة أى قوة عسكرية أخرى.
معلوم أن الحكومة الشرعية لا تسيطر بطبيعة الحال على الأراضى الليبية بكاملها وهى فى عداوة مع داعش وحلفائها بصورة شديدة وبالتالى لا يمكن التعويل عليها.
ربما تكون الحكومة المصرية أخطأت حينما تلكأت فى التواصل مع رجال قبائل غير سياسيين طوال الفترة الماضية للوصول إلى معلومات بشأن المخطوفين وكيفية الإفراج عنهم.
الخلاصة أنه إن آجلا أو عاجلا ستنتهى مشكلة المخطوفين، ونتمنى أن يكونوا أحياء ويفرج عنهم إن شاء الله، لكن السؤال الأكبر هو: ماذا عن المستقبل، وكيف تضمن مصر ألا تتحول ليبيا إلى بؤرة توتر دائمة لتهديد الأمن القومى المصرى عبر تهريب السلاح والإرهابيين وليس فقط بتهديد العمالة المصرية هناك؟.
إذا استطاعت الحكومة المصرية التواصل مع أى قوى سياسية حتى لو كانت معارضة سياسية لتغيير المعادلة، فسيكون ذلك تطورا مهما، لكن المشكلة سوف تظل مع داعش التى تصرعلى إقامة دولتها على حدودنا الغربية.
إذا كانت داعش تقاتل، الحكومة الشرعية فى طبرق، بل وبدأت تختلف وربما تفترق عن «فجر ليبيا»، ومعظم مكونات المجوعة الاخيرة قوى متطرفة أيضا، فالمؤكد أنها لا تعرف سوى لغة القوة، وبالتالى فعلى مصر أن تبحث من الآن عن صيغة عربية أو دولية لاستئصال هذا التهديد الخطير، لكن يحظر فى كل الأحوال التدخل العسكرى الفردى حتى لا تتحول ليبيا إلى مستنقع لنا.
اقرأ المزيد هنا: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=16022015&id=6811be0c-2d73-43d4-ac13-dbb6998689a3