من باب النقد الذاتي واللوم الذي يجب أن يوجه لنا جميعاً بخاصة الحكومة وفريق وزراء المجموعة الاقتصادية ومعهم وزير العدل ان قانون الاستثمار الجديد قد تأخر أكثر مما يجب.
وان تأخير اصدار القانون علي هذه الصورة يشير إلي خلافات واجتهادات ومحاولات كل طرف وزاري شريك في إعداد هذا المشروع أن يحصل علي مزايا أو يؤسس لتنظيمات وهيئات تحت مظلة القانون كما يحرص السيد أشرف سالمان وزير الاستثمار وكأن البعض يتصور انه سيبقي إلي الأبد أو يحاول اهداء مواقع لمن حوله.
وكأن البلد تحولت إلي تركة وميراث لهؤلاء في توزيع مناصب مستقبلية أو ابتكار هيئات تحت مسميات مختلفة.
وهذا المشروع الذي اطلعت علي أكثر من مسودة له للأسف هو تشريع مهلهل ولا يعبر عن وضوح ولا عن ارادة قوية لجذب الاستثمار ولا يجوز أن تنعكس الخلافات الصغيرة بين بعض الوزراء علي اصدار القانون والذي كان يجب أن يصدر قبل المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ ويعلن للكافة بنحو ثلاثة شهور علي الأقل حتي يستطيع المستثمر تحديد موقفه واتخاذ قراره.
ولكن للأسف اعتاد البعض أن يضع العراقيل والاجتهادات حتي نصل إلي محطة القطار وهو يغادر المحطة وربما نلحق به أو لا نستطيع.
من الخطأ أن يصدر القانون قبل أيام قليلة من المؤتمر وقد كان يمكن أن يكون علامة علي الوضوح والمصداقية للمستثمرين الأجانب.
ولكننا لأسباب غير معلومة انهمكنا في خلافات صغيرة وتافهة ومصالح شخصية تتعارض مع الصالح العام.
والسيد سالمان الذي يصر علي هيئة ترويج تحت مظلة القانون يجب أن يعلم ان كل دول العالم تترك الترويج للقطاع الخاص أو شركة خاصة وليس إلي الجهاز الحكومي.
قال لي أحد المستثمرين اليابانيين التقيته مصادفة في لندن منذ سنوات واستمرت اتصالاتنا: كيف تؤجلون كل القرارات الهامة التي ينتظرها المستثمر.
انكم في مصر لا تخترعون أمرا جديدا وعليكم أن تنظروا ماذا فعلت دول أخري في نفس ظروفكم.
وقال: يجب أن يعلم كل من يضع قانون أو قرار يتعلق بالاستثمار ان الوقت له تكلفة وان اضاعة الوقت في مساجلات واجتهادات ووجهات نظر لوزرائكم هو اضاعة للوقت.
وقال: انتبهوا انكم لستم البلد الوحيد في العالم الذي يسعي إلي جذب المستثمرين وليس بالقانون وحده تأتي إليكم الاستثمارات ولكنكم تركزون علي موضوعات جانبية والأهم كيف يأتي المستثمر ويتعامل والقانون وحده لا يكفل تغييرا ولكن التغيير في المفاهيم للتعامل مع المستثمرين.
ضاع من الوقت الكثير في مساجلات واجتهادات عقيمة في مناقشة ما يسمي بقانون الاستثمار رغم انه أحد الأدوات لجذب الاستثمار وليس هو الطريق الوحيد للاستثمار.
ان مؤتمر الاستثمار مجرد بداية للطريق وليس النهاية ولن يفتح الطريق لتدفق زكائب الأموال ولكنه بداية لزراعة الثقة.
ان هذا البلد قادر علي فتح الأبواب للاستثمار ويستطيع تسهيل الاجراءات والالتزام بكل ما تعهدت الحكومة به في قانون واضح للاستثمار لا يخضع للتأويل أو الاجتهادات والتفسيرات التي تفتح أبوابا للفساد.