الأهرام
مرسى عطا الله
مأمون والجمسي.. و«بشرة خير» !
20 - من بين الحقائق التى تدلل على عظمة إبداع العقل المصرى لإنجاز نصر أكتوبر تلك الواقعة وخلاصتها إن أحد كبار الجنرالات السوفيت المبرزين زار الجبهة المصرية عام 1972 وشاهد بعينه خط بارليف والساتر الترابى وكان يرافقه اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثانى .
ومال الجنرال السوفيتى على قائد الجيش المصرى قائلا: «ماهذا الذى على الشاطيء الآخر من القناة هل فكرتم فى كيفية اجتياز هذا الساتر وكم تقدرون من الوقت لاجتيازه؟»... وصمت سعد مأمون برهة وتذكر أن أسرار التخطيط للحرب ليست مادة للتداول والنقاش ومع ذلك فقد دارت فى ذهنه عدة اعتبارات وقرر أن يفاجيء الجنرال السوفيتى بما يذهله فعلى الرغم من أن التخطيط المصرى حتى ذلك الوقت كان يقدر أن هذه العملية سوف تستغرق من 7 إلى 9 ساعات فإنه بادر الجنرال السوفيتى قائلا: من 3 إلى 4 ساعات.

كان سعد مأمون يكشف فى إجابته نموذجا يجمع بين السرية فى حفظ أسرار التخطيط وبين الخجل فى ذكر الرقم الحقيقى وهو من 7 إلى 9 ساعات... ورد الجنرال السوفيتى قائلا: «إن ذلك مستحيل لأن هذه الفترة (3 -4 ساعات) سوف تكلفكم غاليا إذ كيف سيستطيع أفراد المشاة الحربيين الصمود أمام ضربات الطيران والمدرعات الإسرائيلية»... واستطرد الجنرال السوفيتى قائلا: «عزيزى الجنرال مأمون إنكم بهذا تضعون أنفسكم فى مأزق حرج فسوف تحاربون كما لو كنتم فى الحرب العالمية الأولى بينما سيحاربكم العدو بأسلوب القرن العشرين».

وأثارت هذه الردود حفيظة سعد مأمون فبادر الجنرال السوفيتى قائلا: «وهل لديك حل آخر؟».

فقال الجنرال السوفيتي: «لا ليس لدينا حل لهذه المشكلة العويصة» ورد اللواء سعد مأمون قائلا: «إذن دعونا نفكر وسنعمل ما فى جهدنا»... وبالقطع لم يصدق الجنرال السوفيتى أن مصر تقدر أو حتى تفكر فى مواجهة هذا التحدى الرهيب وكان ذلك أيضا أحد أسباب نجاح العبور لأنه لا العدو ولا الصديق كان يتصور أننا نستطيع خصوصا وأنه قبل هذه الواقعة بعدة أسابيع كان أحد كبار الخبراء السوفيت قد قال فى حديث مماثل مع سعد مأمون بأن الأمر يحتاج إلى قنبلة ذرية لحل معضلة الساتر الترابى وخط بارليف ويومها قال اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات آنذاك «إنها بشرة خير يا سعد فنحن لا نريد شيئا سوى أن يستمر اعتقاد الجميع بأننا غير قادرون» .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف