المساء
محى السمرى
بدلاً من الحسرة علي أزمة الدولار
بدلا من الشكوي لعدم توافر الدولار.. وبدلا من الحسرة علي الحالة الاقتصادية المتردية.. لماذا نركن إلي الشكوي وعدم التفكير في ايجاده بصورة سهلة وميسرة.
مصر بالفعل تعاني كثيرا من عدم توافر العملات الأجنبية.. منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 نظرا لعدم اتباع سياسة اقتصادية سليمة وانشغال مصر بمشاكل اقليمية أوقعت نفسها فيها بمبرر أو بدون مبرر... فبعد أن كان الجنيه الاسترليني يساوي 97 قرشا وبعد أن كان الدولار الأمريكي يساوي 31 قرشا.. وذلك حتي السنوات الأولي من الثورة.. فجأة بدأ الاسترليني والدولار في الاختفاء رغم أن الدولة منعت الاستيراد من الخارج بصفة عامة.. ومع بداية الستينيات من القرن الماضي.. أصبحت العملات الأجنبية.. عملات صعبة وتم تسميتها بهذا الاسم لأنها اصبحت نادرة وليس سهلا العثور عليها.. ولم يعد التعامل بها إلا من خلال البنوك التي لا تبيعها إلا بموافقات حكومية خاصة.. للذين يسافرون إلي الخارج وكان ذلك مقيدا أيضا وكانت هناك ضرورة للحصول علي موافقة من إدارة الجوازات لمن يريد السفر.
وقيل إن سبب صعوبة العثور علي العملة الأجنبية هي قيام مصر بمشروعات قومية مثل السد العالي وإنشاء بعض المصانع.. ولكن الواقع أن هذا ليس سببا مباشرا لأن تمويل السد العالي كان من إيرادات قناة السويس التي تم تأميمها في عام 1956 وأيضا من إيرادات بيع القطن المصري.. ولم يكن مسموحا إلا للحكومة في بيعه.. فقد تم تأميم الشركات الخاصة بعمليات البيع من خلالها بورصة الأقطان.
ومع دخول مصر حروبا أهلكت ميزانيتها وهروب المستثمرين الأجانب والأنفاق بلا وعي علي بعض الدول العربية والأفريقية بخلق مناخ ثوري فيها.. يضاف إلي ذلك أنه لم تكن هناك في مصر سياحة بالمعني المعروف بل يمكن القول ان الحركة السياحية كانت ضعيفة تماما وكان عدد الفنادق لا يتجاوزو اصابع اليد.. ويبدو أن المسئولين في ذلك الوقت لم تكن السياحة ضمن اهتماماتهم الاقتصادية.
وكان شعار فترة الستينيات ¢لا صوت يعلو فوق صوت المعركة¢ أي أن كل الأموال مخصصة للحرب التي تم جرنا إليها جراً.. وأصبحت حرب الاستنزاف تستنزف أموالا كثيرة.. ثم اعقبها حرب 6 أكتوبر وخرجت مصر من هذه الحرب محققة انتصارا رائعا وفي الوقت نفسه لم يكن في مصر إلا اقتصاد هش... ومعاناة شديدة في العملات الأجنبية.. أو الصعبة.
وبالطبع فإن كل هذه المشاكل وغيرها والتي لم يعشها الشباب وعاني منها أبناء جيلنا.. أدت إلي انهيار الاقتصاد.
والغريب أن هذه المعاناة كانت تتأرجح في نهاية السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وذلك تبعا للسياسة الاقتصادية غير الثابتة فقد وجدنا العملات الأجنبية متوافرة في سوق الصرافة وفي البنوك وبأسعار معقولة جدا.. ثم نجد من يأتي ويرفع أسعارها ويجعلها عزيزة المنال وهكذا.
واتذكر أن قبل 25 يناير 2011 أن تساءلت عن حقيقة ديون مصر والتي قيل وقتها أنها رهيبة وتزيد عن كذا تريليون إلا أن وزير المالية لم يتفضل ويقول لنا الحقيقة.. ولو عرف الشعب الحقائق لتغيرت الأحوال وامتنعت الشائعات.
والآن اصبحت الشائعات تملأ الأرجاء حول ندرة الدولار وارتفاع سعره بصورة جنونية ويقال أنه لو تم تعويمه مرة أخري بأن سعره سيزيد عن عشرة جنيهات.
والحقيقة المرة أن هناك أسباباً جوهرية لأزمة العملات الأجنبية من بينها ما حدث بعد 25 يناير عندما اضطرت الحكومة في ذلك الوقت إلي الاستجابة للطلبات الفئوية وزيادة المرتبات.. ولهذا لجأت إلي كسر الاحتياطي الأجنبي... ثم هذه الكوارث المتلاحقة التي تسبب فيها الإخوان وما نشهده من إرهاب وما فعلوه من جرائم وحرائق وتدمير للمؤسسات العامة والخاصة.. وكذلك محاربة الإرهاب كل هذا مع عدم استئناف المصانع المتوقفة عملها.. وانحسار الحركة السياحية بنسبة كبيرة.. والجهل المطبق في كيفية النهوض بهذه الصناعة والتجارة.. وضعف حركة التصدير مع زيادة رهيبة في الاستيراد.. وللأسف إن الاستيراد عندنا لا توجد له ضوابط بل يسمح باستيراد أي سلعة وبالتالي دخل الانتاج المصري في منافسة غير متكافئة مع الواردات الأجنبية بإلاضافة إلي استيراد سلع هايفة لا ضرورة لها.
بصراحة أقول انه يجب أن تختفي أزمة العملات الأجنبية.. وهذا لن يحدث إلا إذا كانت هناك جدية في العمل - وأن تعود المصانع إلي الانتاج.. وأن تخرج البعثات التجارية لتسويق منتجاتنا.. وأن يهتم قطاع السياحة بتنمية السياحة وابتكار أساليب جديدة لجذب السياح غير ما تقوم به وزارة السياحة... التي لا تزال تفكر بعقليات الفوائد والمصالح الخاصة لا العامة.
الأزمة يجب أن تختفي تماما والشعب يجب أن يعمل.. ولماذا لا نطبق ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن يبدأ العمل في الخامسة صباحا.. وبالمناسبة دول كثيرة العمل يبدأ فيها في الصباح المبكر جدا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف