المساء
محمد جبريل
هل نكتفي بتصوير الأحداث؟!
ماذا جري للمصريين؟.. عنوان كتاب للدكتور جلال أمين. ناقش فيه بعض الظواهر الطارئة علي المجتمع المصري. وهي ظواهر سلبية في مجموعها. تبدأ بافتقاد شعور الانتماء للوطن. وتتواصل في العلاقة بين المرء ومجتمعه.
أستعير العنوان. فأشير إلي ظاهرة غريبة عن المجتمع المصري. وهي اللامبالاة في تلقي الأحداث. مهما تبلغ جسامتها : سقوط بناية. أو انتهاء مشاجرة بقتلي ومصابين. أو مصرع مواطن في حادثة سير. وأحداث كثيرة.
شاهدت ــ بالمصادفة ــ في أوائل السبعينيات من القرن الماضي. حريقاً في قرية السمارة الواقعة بين محافظتي الدقهلية والشرقية.
هرع الأهالي بما وصلت إليه أيديهم من أوعية. يقذفون النيران بالماء. حتي أخمدوا الحريق قبل أن يتنبه المركز إلي ما حدث.
كتبت عن التكافل الذي أنقذ به أهالي السمارة قريتهم من الخطر الذي تهددها. استبدلته بحوار سافرت من أجله. مع الشقي الأسطوري محمد بن بمبة. لاحظت أن الرجل سبق أبناء قريته إلي محاصرة الحريق حتي انتهي.
كانت معظم القري المصرية تعاني ندرة الخدمات. أو انعدامها. لكن تكافل الأهالي عوض قلة الامكانيات وتقصير الإدارة.
تبدل الحال. فلم نعد نواجه الأخطار بالمتاح من الوسائل. ما يكاد المرء يشاهد الحادثة حتي يلجأ إلي عدسة المحمول. يلتقط الصور من بداية المشاهدة حتي النهاية. يتحول إلي مصور يقتصر جهده علي التقاط الصور للذكري. أو للترويج لمهارته في القنوات الفضائية.
تطالعنا الفضائيات بمشاهد قتل. أو غرق. أو حريق. لا أحد يبادر بالإنقاذ. وإن ارتفعت الأيدي بأجهزة المحمول. يحرص أصحابها علي تصوير ما حدث. يكتفون بتصوير تفصيلات الحادثة. يغيب عن وعيهم أن الواجب الإنساني. فضلاً عن الواجب المجتمعي. يدعوهم إلي محاولة الإنقاذ.
المواطن فرد في مجتمع. وقيمة أي مجتمع تتمثل في الحفاظ علي قيمه ومثله ومتانة العلاقات بين مواطنيه.
تحزنني المشاهد التي تقدمها الفضائيات لمواطنين يعانون كارثة تحتاج إلي من ينقذهم. وترتفع الأيدي ليس بفعل الإنقاذ. وإنما بتصوير الكارثة. إنهم مجرد عدسات. دون إحساس بالمشاركة.
أكرر السؤال : ماذا جري للمصريين؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف