التحرير
رائد عزاز
الألتراس.. المماليك الجدد!
خلال عصر الدولة الأيوبية اشتد الصراع على الحكم بين القادة السياسيين؛ فقرر كل منهم تكوين ميليشيات مسلحة خاصة به كى يستخدمها لضرب خصومه ومنافسيه. هؤلاء الزعماء كانوا يقومون بجلب الأطفال العبيد من بلدان متعددة ثم يربونهم على الطريقة الإسلامية، وعندما يصيرون شبابا يدربونهم على فنون القتال داخل معسكرات منعزلة، وفقا لقواعد صارمة تضمن ولاءهم التام لمالكهم. بمرور الوقت قويت شوكة المماليك وخرجوا عن الإطار المرسوم لهم، بعد أن اتحدت كل طائفة منهم تنتمى إلى نفس العرق، ليتحولوا إلى دويلات داخل الدولة قبل أن يستولوا فى النهاية على حكم مصر لمدة 267 سنة.

فى العصر الحالى لجأ بعض الأحزاب والشخصيات السياسية الطامحة للسلطة إلى تطبيق نفس الفكرة مع إدخال بعض التعديلات الضرورية التى تتواكب مع معطيات العصر الذى نعيشه. لم يعد هناك عبيد فى بلادنا فكان البديل هو استقطاب الشباب المراهق الذى يبحث عن هوية أو رمز يلتف حوله.. لم يعد فى الإمكان تدريب مجموعات متعددة على فنون القتال بعيدا عن أعين أجهزة الدولة، فكان الحل هو تلقينهم أناشيد وهتافات عدائية محددة يرددونها بحماس داخل تشكيلات كبيرة فى الأماكن العامة بهدف الترهيب واستعراض القوة أمام الجميع.. لم يعد مقبولا أن تستمر العلاقة على صورة خضوع العبد للسيد فكان لزامًا أن تتحول إلى شكل طاعة التلميذ للأستاذ أو انصياع التابع للمرشد!

هكذا ولدت فكرة مجموعات الألتراس فى مصر أوائل الألفية الثانية، وانتشرت بسرعة البرق داخل ملاعب كرة القدم والجامعات فى ظل حالة الفراغ الفكرى والثقافى والمادى التى يعانى منها هذا الشباب الصغير.

يجب الاعتراف أن العقول التى دبرت لإنشاء هذه الظاهرة كانت محنكة إلى حد كبير بعد أن نجحت فى بناء تنظيم قوى يعتمد على سرية التخطيط الذى تقوم مجموعة منتقاة من القيادات (كابو) يعاونها صف ثان أصغر سنا (أكتيف)، جميعهم يمتلكون كل أدوات ومفردات العصر الحديث، مما يجعلهم قادرين على التواصل مع الأجيال الجديدة واستغلالها فى تنفيذ المخططات الإجرامية المرسومة بدقة تحت ستار من الشعارات الزائفة والأفكار الهدامة التى تتفق مع اندفاعهم وقلة خبرتهم مثل:

1- أعضاء الرابطة يفوقون الجميع ذكاء وحكمة ودراية وبالتالى لا يجب أن يخضعوا لقواعد هذا المجتمع المتخلف ولقوانينه الرجعية التى لا تتفق مع أفكارهم أو تلبى طموحاتهم.

2- رجال الشرطة هم أعداء يريدون التنكيل بهم والقضاء عليهم دون سبب ومن ثم تجب مواجهتهم داخل الملاعب وخارجها عن طريق التمرد على أوامرهم وتوجيه الإهانات إليهم.

3- الكيان الذى ينتمون إليه سواء كان فريقًا أو جماعة هو الأهم والأبقى لذلك يجب مساندته والتضحية من أجله حتى لو كان على حساب مصلحة الوطن. قيادات الألتراس تسببت فى كل كوارث الملاعب المصرية الأخيرة بعد أن ورطت أعضاءها فى مواجهات وصدامات كانوا هم أولى ضحاياها.. يجب على الدولة أن تتدخل فورا لتفكيك كل هذه الروابط ومحاكمة زعمائها ومموليها قبل أن نفاجأ بظهور مماليك جدد بيننا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف