الصباح
سليمان جودة
وجد الناخب أنه فى متاهة.. فتجاهل الموضوع!
سوف يطول الكلام عن أسباب إحجام الناخبين فى غالبيتهم، عن الذهاب إلى صناديق انتخابات برلمان 2015، سوف نسمع كلامًا كثيرًا، عن أسباب أكثر، وسوف يكون علينا أن نسأل أنفسنا، عما إذا كانت هناك علاقة، بين هذه المقاطعة الانتخابية التى مارسها أغلب الناخبين، وبين قانون تقسيم الدوائر، وقانون الانتخابات أم لا؟!
وعلى سبيل المثال، فإننى صباح اليوم الثانى من يومى المرحلة الأولى، قد سألت سائق تاكسى يسكن دائرة إمبابة الانتخابية، عما إذا كان قد اختار ممثليه فى البرلمان، وعمن سوف يختار، فأجاب الرجل فى براءة، بأنه سوف يذهب فى المساء، وأنه سوف يختار مرشحًا فرديًا، ومرشحًا آخر، من أى قائمة!
وحين أخبرته بأن عليه أن يختار أربعة مرشحين، لا مرشحًا واحدًا، ومعهم قائمة بكاملها، وليس مجرد اسم فى قائمة، كانت دهشته بالغة، وراح يسأل عما إذا كانوا قد زادوا عدد مقاعد دائرته من مقعدين اعتاد عليهما الناخبون مدى حياتهم، إلى أربعة مقاعد مرة واحدة؟
ولم يكن هذا الناخب، يمثل حالة فريدة، فمثله كثيرون جدًا، لا يعرفون أن عدد مقاعد دوائرهم التى نشأوا عليها، لم تعد كما كانت، وأن هناك دائرة مثل دائرة العطارين فى الإسكندرية، مثلًا، سوف يكون على ناخبيها أن يختاروا مرشحًا واحدًا.. أو بمعنى أدق، فإن المفترض الآن، أن يكونوا قد اختاروا وانتهى الأمر لأن الإسكندرية كانت ضمن المرحلة الأولى، التى انتهت بيوميها اللهم إلا إذا كانت الدائرة ستشهد جولة إعادة.. فهل عرف الناخبون فى العطارين، مسبقًا، أن عليهم أن يختاروا واحدًا، لا اثنين كما جرت العادة من قبل، أم أن كثيرين منهم قد اختاروا مرشحين اثنين، فأبطلوا أصواتهم دون أن يدروا؟!
لا تعرف لماذا تعمد واضعو قانون تقسيم الدوائر، إدخال الناخب فى متاهة هكذا، ولا تعرف لماذا لم يستجيبوا لنصائح عاقلة كثيرة، فى وقت وضع القانون، بأن يجعلوا تمثيل الدوائر متساويًا كما هو حاصل فى أى بلد من بلاد خلق الله، ولكن ما تعرفه، أن غالبية الذين صوتوا فى دائرة الدقى والعجوزة، على سبيل المثال، لم يعرفوا أن عدد مقاعد دائرتهم، اثنان كما هما، وإذا كانوا قد عرفوا، فلابد أنهم عرفوا فى اللحظات الأخيرة، ولابد أن الذى لم يعرف منهم، والذى سمع بأن تمثيل الدوائر متفاوت، قد أبطل صوته، وهو لا يقصد!
ثم لا نعرف أيضًا، ما إذا كان ناخبو دائرة سيدى جابر فى الإسكندرية، قد عرفوا مقدمًا، أن عدد مقاعد دائرتهم ثلاثة، لا مقعد واحد، ولا اثنان، ولا أربعة، وإذا كانوا قد عرفوا.. فهل عرفوا ذلك قبل أن يصوتوا، أم أنهم عرفوا بعد أن صوتوا وانتهى الأمر؟!
تستطيع أن تقيس على دوائر الدقى، وإمبابة، والعطارين، وسيدى جابر، وأن تصل إلى نتيجة واحدة، هى أن الناخبين الذين قاطعوا كانوا على حق فيما فعلوه، أو كانوا على بعض الحق، على الأقل، وأن الذين ذهبوا، ولم يقاطعوا، قد وجدوا فى انتظارهم دوائر غير التى عرفوها مدى حياتهم، دون أن يشرح لهم أحد، أو يوضح، هذه التعديلات الطارئة، والمعقدة، فى أغلب الدوائر!
وعندما حدث هذا، منذ مارس الماضى، عندما كان مقررًا أن تجرى الانتخابات وقتها، ثم تأجلت فجأة، فإن أصواتًا معارضة، وذات وزن، قد نأت بنفسها عن خوض معركة الانتخابات، حتى إن المعركة قد خلت من مثل هذه الأصوات تقريبًا، وبقى فى السباق لون سياسى واحد، هو اللون الذى لم يكن يخفى رغبته فى أن يكون مؤيدًا للدولة، وداعمًا لها، حين دخوله البرلمان، على طول الخط!
وكان ذلك أيضًا، من دواعى عدم حماس الناخب، لأن يذهب، رغم النداءات الكثيرة التى كانت تحاصره من كل اتجاه.. فالناخب بطبيعته، يظل فى حاجة إلى شىء يحمسه، للذهاب، وهذا الشىء هو أن يكون فى الانتخابات تيار سياسى «مع».. وتيار سياسى آخر «ضد» بحيث يناصر الناخب هذا، ضد ذاك، أو العكس، وهو ما لم يكن متاحًا، فلم يذهب، واكتفى من الغنيمة بالقعود!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف