الصباح
وائل لطفى
المستشار المجهول للرئيس
>>الرئيس لديه مستشارون فى كل المجالات لكننا لا نعلم من هو مستشاره السياسى
>>لو كان لدينا من يدير العملية السياسية فى مصر لما حدث ما حدث فى الانتخابات
>>المطالبة بتعديل الدستور وتشويه المعارضين وارتفاع الأسعار.. خطوات غير سياسية أدت لعزوف الناخبين
>>لو كان لدينا من يفهم فى السياسة لاهتم بتشجيع المعارضة على خوض الانتخابات بدلًا من الاهتمام بقائمة واحدة فقط

تبادل الجميع الاتهامات حول ماجرى فى الانتخابات البرلمانية الحالية، بعض المعروفين بتأييدهم لأى سلطة حمّلوا الشعب المسئولية واتهموه بالتخاذل، ورغم أننى مع المشاركة بكل طريقة ممكنة إلا أننى أرى أن هؤلاء مخطئون ولا يقولون الحقيقة.
ومضى البعض الآخر فى الشوط لآخره، وقالوا إن غياب الناخبين يعبر عن ثقة الشعب فى الرئيس، وفى ظنى أن هؤلاء يضللون الرئيس، ويقلبون وجه الحقيقة، فالرئيس دعا بنفسه المصريين للنزول ولكنهم للأسف لم ينزلوا.
وبعيدًا عن سماجة وشماتة جماعة الإخوان التى فشلت فى نيل ثقة الشعب المصرى، وعن سماجة أصواتها الإعلامية البغيضة فإن ما جرى يحمل عدة رسائل من المصريين للرئيس.
الرسالة الأولى: هذه الرسالة تقول ببساطة إن إدارة العملية السياسية هى إدارة فاشلة ومرتبكة، وأن إدارة السياسة يجب أن تكون للسياسيين لا لأى جهة أخرى مهما بلغت درجة وطنيتها، ولعل هذا يستدعى سؤالًا يقول: من هو المستشار السياسى للرئيس؟
نحن نعرف أن للرئيس مستشارين للسياسات الاقتصادية، ولشئون التعليم، ولشئون الأمن والأمن القومى، ولكننا لا نعرف من هو المستشار السياسى للرئيس، ولعل فى هذا أساس المشكلة.
لفترة قليلة تصدى د كمال الجنزورى لتشكيل قائمة فى حب مصر، لكنه انسحب بعد فترة نتيجة شكوى الأحزاب (التى لم تحصل على شىء بعد انسحابه )، وحل محله اللواء سامح سيف اليزل، والحقيقة أنه لا اللواء سيف اليزل ولا الذين تصدوا معه لتشكيل قائمة فى حب مصر وضعوا نصب أعينهم إدارة العملية السياسية ولا أظنهم كانوا مؤهلين لذلك، هم كانوا معنيين فقط بتقسيم مقاعد القائمة الـ120 على الأحزاب، ولم يفكروا فى 448 مقعدًا فرديًا، ولم يفهموا أن السياسة مثل كرة القدم لا تكتمل إلا بوجود منافس.
وكانت النتيجة أن قائمة فى حب مصر نجحت، لكن الانتخابات كلها فشلت.
لا أعرف من هو المستشار السياسى للرئيس؟ (لا يوجد فى الغالب ) لكننى أعرف أن من أدار العملية السياسية فشل فشلًا ذريعًا حين ترك قائمة مثل قائمة صحوة مصر تنسحب من الانتخابات لأن أعضاءها لا يملكون تكاليف إعادة الكشف الطبى مرة أخرى، أو لأنهم شعروا بأن المناخ العام لايرحب بهم.
وفى ظنى أن وجود القائمة لم يكن سيؤثر فى إقبال الناخبين من عدمه، لكنه كان سيضفى ثقلًا معنويًا كبيرًا على مجلس النواب المقبل الذى يكاد يفتقر للوجوه المعروفة أو ذات التاريخ، ولعل نفس الأمر ينطبق على مجموعة الأحزاب التى عزفت عن دخول الانتخابات قبل أن تبدأ، ولو كان هناك من يدير العملية السياسية لاهتم بترشح المعارضين قبل المؤيدين لأن هذه هى السياسة، ولأن الصورة متعددة الألوان أفضل بكثير من الصورة ذات اللون الواحد.
لو كان لدينا من يدير العملية السياسية حقًا فيجب أن تعاقبه، ولو لم يكن موجودًا فيجب أن توجده.
لو كان لدينا من يدير العملية السياسية لما صدر قانون الانتخابات بشكل يغضب كل أطراف السياسة فى مصر، ولو كان لدينا من يفهم فى السياسة حقًا لنصح بوقف حملات التشهير والتشويه التى تتعرض لها القوى المدنية المختلفة التى خرجت ضد الإخوان فى 30 يونيو.
لو كان لدينا من يدير السياسة فى مصر لما ترك قرارًا مثل تخفيض سعر الجنيه المصرى لمحافظ البنك المركزى ليتخذه قبل الانتخابات بيوم واحد، لأن هذا قرار سياسى بالأساس، وليس قرارًا اقتصاديًا فقط. ولكن من يدير السياسة فى بلدنا مجهول، وعلاقة رئيس الوزراء ووزرائه بالسياسة ضعيفة للغاية، وهى تكاد تشبه علاقتهم باللغة الصينية !
لو كان لدى الرئيس مستشار للشئون السياسية لقال له إن أى حديث عن تعديل الدستور هو حديث سابق لأوانه! وأنه وإن كان ولابد من الحديث عن التعديل فليكن ذلك داخل المجلس، وليظهر وكأنه من بنات أفكار أحد النواب المؤيدين وما أكثرهم!
لو كان لدينا من يفهم فى السياسة وينصح الرئيس لردع الذين تلقفوا الحديث عن تعديل الدستور وانطلقوا فى موجة نفاق عالية التردد أو على الأقل لقال لهم إن هذا ليس هو الوقت المناسب!
ولو كان لدينا مثل هذا الشخص - الذى أتمنى وجوده بالمناسبة - لكف هؤلاء الذين انهالوا هجومًا على البرلمان قبل أن يبدأ، وقالوا إنه سيعطل الرئيس عن العمل، فكانت النتيجة أن الذين يؤيدون الرئيس لم يذهبوا لأن هناك من أقنعهم أن البرلمان سيعطل الرئيس، وكانت النتيجة أيضا أن الذين لايرغبون فى تعديل الدستور لم يذهبوا لأن هناك من قال لهم إن أولى مهام البرلمان ستكون تعديل الدستور!
ولو كان هناك من يدير العملية السياسية أيضا لقال للرئيس إن الاهتمام بالشباب لايجب أن يقتصر على تيار سياسى واحد، ولكن يجب أن تتسع السفينة للجميع، وأن الشاب المعارض الوطنى الذى لايملك صلات خارجية ليس أقل وطنية من شباب مستقبل وطن (الذين اتحمس لهم واراهم افضل من الوجوه القديمة الكالحة)، لو كان لدينا مثل هذا المستشار السياسى لفهم أن اللعبة لا تحلو بغير لاعبين، ولقرأ أن الرأى العام سيعرض فى الانتخابات عن تأييد حزب النور الذى تفوق فى انتهازيته على الجميع، وعن تأييد الفلول أيضًا، وأن كلا الفريقين لم يمتلكا القدرة على الحشد وعلى الحسم فى الجولة الأولى، ولو كان لدينا من يفكر فى السياسة فى مصر لتساءل عن البديل الذى يمكن أن يملأ هذا الفراغ أيضًا؟ بدلًا من الفراغ الذى حاصرنا فى لجان الانتخاب، وأصبح مدعاة لإطلاق النكات التى تسخر من الوضع.
لو كان لدينا من يفكر خارج الصندوق لفكر فى أفكار تنقذنا من هذا الوضع الكارثى ومنها مثلًا.. إمكانية أن يكون لدينا تيار إسلامى ديمقراطى ليس تابعًا لدولة أخرى مثل السلفيين وليس إرهابيًا مثل الإخوان كما حدث فى دول أخرى، ومنها مثلًا أن يكون لدينا حزب مؤيد للدولة لايضم العناصر الانتهازية التى ضمها الحزب الوطنى، وبالتأكيد هناك عشرات الحلول الأخرى من خارج الصندوق ولكنها تستدعى أولًا أن يكون لدى الرئيس مستشار يفهم فى السياسة أو رئيس وزراء يعرف ما هى السياسة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف