من هؤلاء الذين شاهدهم ملايين المصريين، بل وشاهدهم العالم كله مساء أول أمس (الأحد15/2) وهم يرتكبون جريمة ذبح العمال المصريين فى ليبيا؟ إنهم ليسوا مثل تلك الجماعات الجهادية أو التكفيرية التقليدية والتى تختلف جذريا عما شاهدناه. لقد كنا إزاء مشهد تم "إخراجه" بطريقة متقنة، والأغلب أنه تم بعد بروفات عديدة!
يبدأ الفيديو وعليه لوجو أو شعار ما يسمى قناة "الحياة" ، والذى يشبه شعار قناة الجزيرة، ثم يظهر الطابور الطويل الذى يسير فيه أفراد داعش، بأرديتهم وأقنعتهم السوداء، وبأطوالهم الفارعة وبنيتهم العريضة التى تفوق بكثير بنية أجسام الرهائن المساكين الأسرى لديهم، والذين ألبسوهم جميعا زيا برتقاليا موحدا، وهو نفس لون الزى الذى كان يلبسه معتقلو "جوانتانامو"! ثم يظهر، وبشكل سينمائى متقن، الإرهابى الذى يقدم العملية كلها متحدثا بلكنة انجليزية ليست أصلية، ليبدأ خطابه تحت العنوان المكتوب "رسالة إلى أمة الصليب" متبوعا بكلمة "رعايا الصليب من أتباع الكنيسة القبطية المحاربة"، وبادئا بالقول "الحمد لله القوى المتين، والصلاة والسلام على من بعثه بالسيف رحمة للعالمين"!
لقد استمعنا إلى كلماته المجنونة التى ينهيها بأن البحر الذى غيب فيه جسد أسامة بن لادن سوف يخضب بدماء الرهائن التعساء! غير أننى –مرة أخرى- أعود للتأكيد على أن ما رأيناه كان عملا متقنا من اشخاص محترفين، وغالبا متعددو الجنسيات. وفوق ذلك – وكما أكد خبراء فى التصوير- فإن هذا الفيديو هوثمرة انتاج سينمائى كبير، تم تصويره على الأقل بثلاث كاميرات للمحترفين، وغالبا بمعدات تصوير ثقيلة، فضلا عن الـ"جرافيك" والترجمة العربية المكتوبة. نحن إزاء تطور خطير فى الإرهاب الذى نواجهه ، إنه نوع جديد ومريب من الإرهاب الدولى واسع النطاق، والذى يستلزم رد فعل قويا وشاملا ومدروسا بعناية.