مرسى عطا الله
مرض المشير وعزل الشاذلى !
23 ــ لا أظن أن أحدا يختلف حول أن أحد أهم أسباب نصر أكتوبر هو «روح الفريق» التى كانت تسود بين القادة العسكريين العظام الذين نالوا شرف تحمل المسئولية الوطنية والتاريخية حيث ارتفع الجميع فوق أية حساسيات تكون قد نشأت طوال فترة الخدمة الطويلة.. وتلك مسألة معروفة ليست عندنا فقط وإنما فى كل جيوش العالم ومع ذلك فإنه على سبيل المثال سجّل كل من المشير أحمد إسماعيل منذ تعيينه وزيرا للحربية فى 26 أكتوبر 1972 والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان نموذجا فذا للتعاون الصادق وإعلاء مصلحة الوطن فوق أى اعتبار رغم ما كان يشوب علاقتهما من حساسيات منذ أن تزاملا ضمن القوة المصرية فى الكونجو تحت راية قوات الطواريء الدولية فى الستينات من القرن الماضى لمواجهة الانقلاب على حكم الرئيس لومومبا.
ولكن هذا الوضع تعرض للاهتزاز بعد وقوع ثغرة الدفرسوار حيث اختلف أحمد إسماعيل مع سعد الشاذلى حول أسلوب التعامل مع الثغرة فقرر أحمد إسماعيل الذى كان فى أشد لحظات المعاناة والألم من المرض الخبيث ويرقد فى سرير داخل مركز العمليات الرئيسى «رقم10» الاتصال بالرئيس السادات لسرعة الحضور مساء يوم 19 أكتوبر والذى لم ينتصر فقط لوجهة نظر أحمد إسماعيل وإنما اتخذ قرارا سريا بعزل سعد الشاذلى من رئاسة الأركان وإسناد المسئولية إلى اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات اعتبارا من صباح 20 أكتوبر مع عدم إعلان القرار للحفاظ على الروح المعنوية للقوات التى كانت تكن تقديرا واحتراما بالغا للشاذلى .
وأذكر أننى فى الأيام الأخيرة للحرب بدأت أسمع همسا مكتوما على ألسنة مستويات رفيعة فى القيادة العسكرية المصرية حول سوء الحظ الذى حط علينا منذ لحظة اتخاذ قرار تطوير الهجوم للتخفيف عن الجبهة السورية يوم 14 أكتوبر والذى أدى إلى إصابة قائد الجيش الثانى الميدانى اللواء سعد مأمون بأزمة قلبية استدعت نقله إلى القاهرة للعلاج لكن روح الفريق هى التى نجحت فى لملمة الأوضاع وعدم الاستسلام لدعاوى النحس ومواصلة مسيرة القتال بكفاءة وشجاعة ورجولة رغم عمق ما وقع فى الميدان من متغيرات.. وما أبعد الفارق بين درجة نجاح عملية العبور يوم 6 أكتوبر والتى تدرب عليها الجنود وحفظوا بنودها عن ظهر قلب وبين ما جرى خلال تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر والذى لم يكن واردا فى كراسة العبور ولم يتدرب عليه الجنود من قبل !
.. وغدا نواصل الحديث