الأهرام
محمد مصطفى حافظ
يا عيني علي عروس البحر
أيعقل ما ترأه عيني علي شاشات الفضائيات، لايصدق عقلي رؤية عروس البحر الأبيض العاصمة الثانية لمصر وهي غارقة في مياة الأمطار المختلطة بالصرف الصحي وأهلها يصارعون الموت غرقا في الشوارع وصواعق الكهرباء تعصف بهم شيوخا ونساء وأطفالا نتيجة أول نواة ممطرة معلومة الزمن ودليلا دامغا لاستمرار الفساد والإهمال الإداري والأخلاقي من الرؤوس حتي الأنامل، مع عجز حكومي متعاقب لمواجهة الأزمات بالعمل علي قديمه بتحميل كبش فداء بإقالة معلنة إستقالة أو تشكيل لجنة تظهر توصياتها في ذكري الأربعين لمأساة أخري أو قرارات حبيسة الأدراج.
فنحن أمام مأساة مخجلة لا تليق بمصر الجديدة ٢٠١٥ بعد ثورتين يبدو أنهما لم يغيرا الكثير فغرقت عروس البحر في شبر ميه لتظهر عجز المحافظ وأجهزته المختلفة في التنبؤ ومواجهة الكارثة بدلاً من الغرق وسقوط ضحايا سبعة ومئات المصابين وإهدار الأموال والممتلكات وارازق العباد ، ومن أبرز المشاهد المفاجعة الطفلان .

"علي " ذو العشر سنوات وأخيه "أحمد" أربع سنوات ماتوا غدرا وظلما غرقا وصعقا بالكهرباء بشارع محرم بك مع والدتهما صرعي صعقا في المياه المكهربة نتيجة سقوط كابل ترام متهالك الصيانة من شدة سقوط مياه الأمطار المختلطة بالصرف الصحي، الأول ملقي علي وجهه تحت عجلات السيارات الغارقة وشقيقه علي الرصيف مسجي ، وأخر متوفي عامل مقهي إسمه إسلام ذو شهامة نجح في إنقاذ الأم بجذبها من ملابسها حتي الرصيف من علي كرسي خشب رغم حرق نصف جسدها إلا أن توازنه أختل فسقط شهيداً، وتئن الأم وهي مرمية لعدة ساعات تبكي دما بجوار فلذات أكبادها لا تصدق أنهم راحلوا من بين يديها ، حتي الإسعاف عجزت عن الوصول لنجدتها وحمل الشهداء حتي علم أهل الضحايا وجاءوا فخذوها للدكتور الذي طلب إجراء جراحة عاجلة .

وتزيد مأساة الأسرة المنكوبة لحوالي ٩ ساعات قضاها الأب وشقيقه لاستخراج تصريح دفن الطفلان وهما بثلاجة المشرحة من الساعة ١٢ ظهراً حتي التاسعة مساء كعب داير من صحة الإبراهيمية مرتين بحجة نقص الورق ، وإصرار رئيس النيابة علي عدم استخراج التصريح إلا بإستجواب أمهم المحروقة جسديا ونفسيا وصل الي التهديد بالسجن إذا لم أنصرف من أمامه فهو عارف مصلحتنا، ووسط دموعه وآهاته رافضا قبول إي تعويضات مادية طالبا القصاص العادل ومحاسبة كل من تسبب في إهمال وفساد ، ولا ترضيه استقالة محافظ أو صرف تعويضا أو ترضية مادية فهذا لن يرجع عياله اللي ماتوا.

إن مصيبة غرق محافظة بالكامل والعاصمة الثانية منارة العلم والحضارة لدليل علي ضرورة التغيير الجاد والحاسم لمحاربة فساد المحليات ، ويكشف إهدار أختيار الرجل المناسب نتيجة المجاملة وغياب معايير الكفاءة وحسن السمعة ، وإشكالية مواجهة الكوارث بفقدان بوصلة كيفية إدارة الأزمات بشفافية ومحاسبة قانونية مهما بلغ المنصب ومعاقبة المخطئ لعدم تكرار الخطأ مرة أخري ، وإقرار مبدأ الثواب والعقاب في تقييم المسئول بإستمرار وتجديد الدماء لمحاربة الفساد والتكاسل والإهمال وعشوائية الإختيار .. لا العمل علي قديمه بكبش فداء
يشيل الليلة دون التحقيق ولتكن ناقوس يدق للمرة الأخيرة لا بتغيير المحافظ وترك نائبه يدير التحقيق مع باقي منظومته الفسدة فالجميع مقصر ويجب محاسبتهم فالكارثة عمت أنحاء المحافظة وإلا كأننا يا أبوزيد ما غزت والفساد كما كنا نسير ، فرفقا بعروس البحر من الغرق في شبر ميه !!!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف