المساء
فتحى حبيب
فوضي القرارات وجيش البطولات
جميع حكومات دول العالم المتقدم والمتحضر لا تتخذ أي قرارات إلا بعد دراسات متأنية ومستفيضة حتي تحقق جدواها والفائدة منها خاصة إذا كانت ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة المواطن وتؤثر علي معيشته وتنعكس عليها مباشرة.
أما حكوماتنا الرشيدة التي تعاقبت علينا خلال الـ 40 سنة الماضية وآخرها حكومة "إسماعيل" فحدث ولا حرج.. تفاجئنا بإصدار قرارات وقوانين ثم سرعان ما تتراجع عنها تحت ضغوط شعبية رافضة ومظاهرات طلابية أو فئوية في دليل واضح علي غياب الرؤية وانعدام التخطيط السليم وجدوي هذه القرارات من الأصل.
وأزمة اتخاذ القرارات والتراجع عنها تضع الحكومة في موقف لا تحسد عليه أمام المواطن ـ إذا كانت تدرك ذلك من الأساس ـ حيث يؤدي ذلك إلي انعدام الثقة بين الطرفين.. فكيف يثق مواطن في حكومة تتخذ قرارًا وتصر عليه وتدافع عنه ثم سرعان ما تتراجع فيه تحت ضغط وغضب شعبي؟!
لا شك أن ذلك دليل ارتباك وخلل داخلي يضرب أروقة العديد من الوزارات نتيجة انعدام التنسيق يجب تداركه فورًا وعدم تكراره في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
المواطن الآن "عينه مفنجلة" علي الحكومة.. يراقب أداءها ويرصد كل السلبيات وتساعده في ذلك الفضائيات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. فلم يعد شيء خافياً.. الحدث يتم نقله في التو واللحظة.. وهناك من يتربصون بالوطن في الداخل والخارج ويشوهون كل إنجاز.. ولا يجب أن تمنحهم الحكومة الفرصة بهذا الأداء الهزيل والقرارات العشوائية.
ندرك ونعي جيدًا صعوبة المرحلة وأن الوطن يتم بناؤه من جديد وجار وبقوة إصلاح ما أفسده السابقون ولكن ذلك لا يعني أن يسود الارتباك أروقة الحكومة في هذه اللحظات الحاسمة في عمر الوطن.. لابد من طرح أي قرار للحوار المجتمعي الصادق والأمين وبشفافية مطلقة.. وألا يستأثر بالرأي مجموعة الخبراء الذين صدعوا رءوسنا علي الشاشات في الحديث عن كل المجالات والادعاء بعلم وبغير علم.. مصرنا الغالية لم تعد تتحمل القرارات الخاطئة والعشوائية.. آن الأوان لإصدار قوانين تلقي قبولاً شعبيًا وتحظي برضا المواطن قبل "النخبة".
الحكومة القوية صاحبة الرؤية هي التي تنعكس قراراتها بإيجابية علي الشارع وحياة المواطن خاصة البسيط.. كفانا "هرتقة".. لقد نزل تجميد قرار تخصيص الـ 10 درجات لحضور طلاب الثانوية العامة تحت ضغوط مظاهرات التلامذة كالصاعقة علي رءوس المواطنين خاصة الذين تفاءلوا خيرًا بعودة الانضباط للمدارس وبداية للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية.. ولا أعرف لماذا اتخذ رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل القرار بنفسة .. ولم يصدر تعليمات لوزير التربية والتعليم بتجميد القرار؟! .. لقد ظهر وكأن الحكومة تعمل في جزر منعزلة.. فهل اتخذ الوزير اتخذ القرار دون العرض علي رئيس الوزراء؟! وهل صحا الوزير من النوم "فطقت" فكرة القرار في رأسه فسرعان ما طبقها دون دراسة أو عرض علي المتخصصين؟!
يا حكومة حرام عليكي .. مصر "أم الدنيا" تستحق أن نبذل من أجلها الغالي والنفيس.. لا أن تفاجئينا بقرارات عشوائية تزيد الغضب والاحتقان في الشارع وما قانون الخدمة المدنية ببعيد.. في ظل غضب موظفي الضرائب قررت وزارة التخطيط إعادة تعديل 30 مادة بالقانون استجابة لمطالب اتحاد العمال ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العامة والمستقلة.. هل سنظل نسير في هذا الاتجاه الخاطئ.. إصدار قوانين يقابلها غضب شعبي.. ثم سرعان ما يتم تجميدها أو تعديلها؟!
الواقع يؤكد أن الحكومة بكل وزاراتها وهيئاتها لو صارت علي خطي القوات المسلحة الباسلة في الإدارة وإنجاز المشروعات بكفاءة وجودة ودون محسوبية لأصبحت مصر في صفوف العالم المتقدم في سنوات بسيطة.. أرجوكم تعلموا من جيش البطولات معاني الوطنيةوالتضحية والفداء والإخلاص للوطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف