- السيسى هيعمل إيه بعد ذبح المصريين فى ليبيا؟ .
- المؤكد عمل عسكرى.
- بس كده هيورّطنا فى حرب الله أعلم بيها.
- لكنه ممكن أن يصمت ويمتص الغضب الداخلى بخطاب عاطفى.
- ومنظرنا، وهيبتنا، ومسافة السكة، وقيمة أن يكون عندنا جيش..
هذا حوار مصرى طبيعى جدا هذه الأيام، ليس فقط من متربص متصيد لا يعجبه العجب، ويعارض من أجل المعارضة، لكنه يمكن أن يترجم مواقف متذبذبة لمواطن عادى أو حتى فى إطار النخبة.
صعوبة الخيارات المتاحة تجعلك تتحرك مثل بندول ساعة حتى تستقر على موقف، وسرعان ما تبدى عدم ارتياح له فتنحاز إلى عكسه دون حسم.
مثلما تجد الحيرة تغلبك بين الخيارات، وأنت تضع نفسك للحظات مكان صانع القرار فى لحظة تدق فيها طبول الحرب، يمكنك أن تتخيل كيف يمكن صناعة قرار كهذا. وما المسؤولية الواقعة على عاتق رئيس الجمهورية فى لحظة صعبة وهناك قرار واحد يمكن أن يفتح للحرب بابا واسعا بكل ما تمثله من معنى؟
قبل اتخاذ القرار فى مجلس الدفاع الوطنى بتوجيه ضربات نوعية لمواقع الداعشيين فى ليبيا، كانت الحسابات صعبة ودقيقة.
المواطنون المصريون المغدورون لهم حق، هيبة الدولة لها حق، الغضب الكبير فى الداخل له حق.
لكن كيف يمكن استعادة هذه الحقوق والتعبير عنها؟
هل كان يمكن انتظار أن يحسم مؤتمر واشنطن أمره، ويبتّ المجتمع الدولى فى الرغبة الإيطالية بتشكيل تحالف للتدخل العسكرى فى ليبيا؟
الرأى العام فى مصر لن يستوعب هذا الانتظار، من جانبٍ لعب هؤلاء المجرمون على الوتر الطائفى فى ظل ميراث حقيقى من التمييز عانى منه الأقباط وأشعرَ الكثير منهم بعدم اهتمام الدولة، ومن جانب الغضب الوطنى المتصاعد والمزايدات السياسية التى تشحذه، والروح المعنوية التى قد يصيبها خلل وسط كثير من الصعوبات التى تستهدفها، والمقارنات التى تنعقد مع رد فعل الأردن على مقتل طيارها، وحاجة النظام إلى خطوة لإثبات وجوده فى اختبار صعب، يبدو عدم خوضه كالرسوب المبدئى فيه، كل تلك عوامل جعلت التعجيل بالضربة مسألة واجبة.
يبقى السؤال الذى راج بعد الضربة: إذا كان لدى مصر خرائط بمواقع ومخازن ذخيرة داعشية، فلماذا لم تضربها منذ وقت؟
شخصيا لا أملك معلومة مباشرة، غير أن هناك قرارا دوليا بعدم التدخل أو تسليح الأطراف فى ليبيا، لكن هناك تحالفا دوليا ضد الإرهاب لمواجهة داعش ، وبعد ظهور داعش بجلاء فى ليبيا وجريمتها البشعة، يصبح التحرك المصرى جزءا من الحملة الدولية على إرهاب داعش ، وتحمل مبرر الثأر المباشر، والحماية التى لا تنتظر موافقة من أحد لمصالح مصر القومية على حدودها.
ستبقى الضربات الاستباقية، وسيصبح الدعم المباشر للجيش الوطنى الليبى خارج القرار الدولى بعدم تسليح الميليشيات لأنه الجيش المفوض من السلطة المعترف بها دوليا، وبتعيين حفتر قائدا له رسميا من قبل البرلمان، يصبح دعم هذا الجيش هو الباب الشرعى الوحيد أمام كل مَن يزعم دعمه لبناء دولة ومؤسسات فى ليبيا.
الحرب ليست نزهة، لكنها حين تصبح مفروضة تكون الخيارات ضيقة وصعبة، وبقدر صعوبة الخيارات، تكون صعوبة القرار، لا يجلس الرئيس على كيبورد أمام فيسبوك ليعلن الحرب، حتى يُلهب الحماس بهاشتاجات الثأر والانتقام، لكنه يقود جيشًا فى معركة مستحقة، ولا يحب أن تفلت منه الحسبة الدقيقة، لأننا جميعا مَن سندفع ثمن ذلك إن لم نتوحد خلف جيشنا فى هذه الحرب العادلة.