المساء
مؤمن الهباء
الشيطان يعتذر
علي طريقة الشيطان يعظ.. خرج الشيطان الدولي توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق يعتذر عن الأخطاء التي ارتكبها في جريمة غزو العراق عام 2003 مع شريكيه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن وماريا أزنار رئيس وزراء إسبانيا الأسبق.. واعترف بلير بأن غزو العراق لعب دوراً في صعود تنظيم داعش الإرهابي.. وبأن المعلومات المخابراتية عن وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق كانت خاطئة.. مؤكداً أنه "وحتي مع استخدام صدام للأسلحة الكيماوية ضد شعبه وضد آخرين إلا أن ما ظننا أنه يمتلكه لم يكن موجوداً بالصورة التي توقعناها".
قال بلير إنه يعتذر عن "أخطاء أخري متعلقة بالتخطيط بالتأكيد عن الأخطاء التي ارتكبناها حول الطريقة التي فهمنا بها ما يمكن أن يحدث بعد إزالة النظام".
المطلعون علي كواليس السياسة في بريطانيا يقولون إن توني بلير أراد بهذا الاعتذار أن يستبق الأحداث للالتفاف علي تقرير لجنة التحقيق في أخطاء عملية غزو العراق ومحاسبة المسئولين عنها وفي مقدمتهم توني بلير الذي لعب دوراً رئيسياً في التحريض والتسليح وإرسال القوات ورصد ميزانية طائلة لهذه الجريمة.. بزعم أن صدام يمتلك أسلحة للدمار خارج نطاق القانون الدولي.. ثم اتضح أن هذه أكذوبة كبري.
وقد بدأت الصحافة البريطانية حملة انتقادات واسعة ضد توني بلير تمهيداً لصدور نتائج التحقيق التي تأجلت لأكثر من 6 سنوات.. وقالت "الجارديان" إن الشعب ينتظر الحقيقة.. وتأجيل نتيجة التحقيق فضيحة.. ولابد من المحاسبة.. وهو الأمر الذي يخشاه بلير.. فهذه شعوب لا تتسامح مع الكذب ولا تعرف الالتفاف علي الحقيقة والتهرب من المسئولية.. ولا تجدي معها العواطف والاعتذارات.. وتحاسب مسئوليها علي كل مليم ينفقونه من ميزانية الدولة التي يمولها دافع الضرائب وعلي كل روح أزهقت في الحرب.
ولكن.. لماذا كان غزو العراق عام 2003 بعد غزو أفغانستان؟!.. ولماذا كان الربط بين صدام حسين وأحداث 11 سبتمبر 2001 رغم أن العالم كله يعرف أن لا علاقة إطلاقاً بين نظام صدام وتنظيم القاعدة بقيادة "بن لادن" الذي اعتبره مسئولاً عن 11 سبتمبر؟!
الحقيقة التي تكشفت أن غزو العراق كان مقصوداً بهدف كسر القوة العسكرية لهذا البلد العربي مجاملة لإسرائيل.. خصوصاً بعد أن استطاع صدام أن يحتفظ بقدر كبير من هذه القوة العسكرية بعد حرب إيران التي استمرت 8 سنوات وأيضاً بعد حرب تحرير الكويت.. وقد استغلت أمريكا وحلفاؤها انهيار سمعة صدام ونظامه عربياً وعالمياً بعد تورطه في احتلال الكويت.. وأرادوا أن يضربوا عصفورين بحجر واحد.. تدمير القدرات العسكرية لصدام وإقامة نظام موالي للغرب في العراق.. وقد نجحوا بالطبع في هدفهم الأول.. فقد دمروا العراق ووضعوا فيه فتنة التفكيك والحرب الأهلية.. لكنهم فشلوا في تحقيق هدفهم الثاني.. فقد جاء النظام الجديد في العراق موالياً لإيران أكثر من ولائه للغرب.. وقد كل الأحوال خرج العراق بالكامل من معادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي.. ولم يعد لديه طموحات نووية ولا قدرات عسكرية.. وصارت قضيته الأولي داعش والأكراد والسُنَّة والشيعة.
الغريب في الأمر أن توني بلير الذي يواجه في بلاده إجراءات للتحقيق والمحاسبة بسبب اشتراكه أو تورطه في غزو العراق صار يقدم نفسه في العالم العربي بوجه الصديق والمستشار الأمين للعديد من الأنظمة.. ولا يمكن أن ننسي استشاراته الشهيرة للقذافي.. وإلي جانب ذلك شغل موقع المنسق العام للجنة الرباعية الدولية المنوط بها تنفيذ حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين.. وبالطبع أدي بلير دوره المرسوم بعناية للمماطلة والمداهنة في مفاوضات عبثية حتي تنجز إسرائيل سياساتها علي الأرض دون منازع.
هذا هو الشيطان الدولي عدو العرب توني بلير.. فهل يتعظ الغافلون؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف