أحمد السرساوى
كلام خطير من رجل يترأس رابع جهاز مخابرات في العالم !!
لم تكن أبدا فلتة لسان من برنار باجوليه مدير المخابرات الفرنسية عندما أعلن أن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهي.. فلم يكن تصريحه كلاما في الهواء، ولولا تأدب الرجل ولغته الدبلوماسية لقال إنه "الوطن العربي" وليس الشرق الأوسط، بدليل أنه أردف كلامه مؤكدا أن العراق وسوريا لن تستعيد أبداً حدودهما السابقة. وما زاد الطين بلة.. كلام نظيره الأمريكي جون برينان مدير المخابرات المركزية الذي أضاف إليهما ليبيا واليمن.. إذن الوطن العربي هو المقصود وليس الشرق الأوسط وكلاهما له حدود مختلفة في الأدبيات السياسية، فالأول يمتد من المحيط الأطلسي للخليج العربي، والثاني من باكستان إلي مصر مرورا بإيران وتركيا ودولة الكيان الصهيوني ثم الجزيرة العربية والشام.
خطورة تصريحات باجوليه أنها لا تأتي فقط من رجل يترأس رابع أقوي جهاز مخابرات في العالم وفقا للترتيب الدولي.. بل أنه يُعد خبيرا في شئون الإرهاب وتاريخ المنطقة حتي أنه يحفظ المئات من قصائد الشعر العربي، وقبل توليه رئاسة الجهاز كان سفيرا لبلاده في أفغانستان بدءا من 2011 وقبلها عمل في الجزائر وسوريا والأردن والعراق ثم الجزائر مرة أخري وكلها كانت بعثات في أوقات حرجة، كان يتم اختياره فيها لمهام محددة نجح فيها كلها.
أما الأخطر في رأيي.. فهو ما قاله بعد ذلك من أن المنطقة ستستقر في المستقبل ولكن وفق أي خطوط؟.. لست أدري!! ومعني هذا الكلام أن دولا أخري بالمنطقة ستكون عُرضة للتقسيم أو مُهددة به وفقا لرؤية باجوليه، وهو ما أيده فيه نظيره الأمريكي مرة أخري!! في هذا السياق لابد أن نفهم عظمة ما قام به المصريون شعبا وقيادة في 30 يونيو 2013 وكيف أفلتوا من مصير مُرعب كان محدق بهم وبلادهم ومازال.. فليس من قبيل الصدفة أن الدول التي قُسِّمت أو في سبيلها للتقسيم من داخلها (بحروب الجيل الرابع) هي التي كانت أقوي جيوش من بين دول الطوق أي العراق وسوريا!! وهو ما يُفسر لنا موقف "العداء الضمني" الذي تضمره لنا بعض القوي الدولية، ويشي لنا أيضا لماذا يُحصّن الجيش المصري بقياداته العاقلة الرصينة والرشيدة بلادنا بأسلحة متقدمة جديدة ضد قوي التطرف والإرهاب؟؟
■ ■ ■
صدق شاعرنا الكبير حافظ ابراهيم:
أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي.. لا تَري الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي