مرسى عطا الله
نيكسون: لولا تدخل أمريكا لانفتح الطريق لتل أبيب !
26- بعد أشهر قليلة من انتهاء حرب أكتوبر ظهر الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون على التليفزيون ليدلى بأخطر وأهم اعتراف أمريكى عن هذه الحرب قائلا: «لولا تدخل أمريكا فى الحرب لصالح إسرائيل لانفتح الطريق أمام القوات المصرية للوصول إلى تل أبيب».. ولم يجرؤ أى مسئول إسرائيلى على نفى أو تكذيب ما قاله نيكسون وإنما راحت الصحف الإسرائيلية تركز فقط على عبارة صغيرة وردت فى حديثه بأن عملية «الثغرة» التى قام الإسرائيليون وعبور بعض قواتهم إلى غرب القناة قبل انتهاء الحرب بأيام قد شكلت تهديدا للجيش الثالث المصرى وأعادت التوازن بين مصر وإسرائيل... وهو ما لم يكن صحيحا ولا دقيقا وكان الهدف منه مجرد الإسهام فى رفع الروح المعنوية للإسرائيليين.
ومن يراجع الصحف الإسرائيلية وكبريات الصحف الأمريكية فى هذا الوقت يتأكد له أن «الثغرة» كانت أشبه بمحاولة حفر بئر للحصول على المياة ولكن الإسرائيليين لم يجدوا ماء وإنما انهار البئر فوق رؤوس من يقومون بعمليات الحفر.. ومن ثم فإن التحول الذى حدث فى مسار الحرب - ولم ينتقص ذرة واحدة من الانتصار المصرى - هو التدخل الأمريكى السافر بالأقمار الصناعية يوم 13 أكتوبر وبطائرات جالاكس العملاقة التى هبطت فى مطار العريش بالدبابات الحديثة المزودة بالذخيرة والوقود.
وربما يكون صحيحا أننا فقدنا أكثر من 200 دبابة فى عملية تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر أى قبل الاختراق الإسرائيلى «الثغرة» بـ 24 ساعة فقط ولكن ذلك لم يؤثر على قدرة قواتنا المسلحة فى معاودة تطوير الهجوم والتقدم إلى المضايق مجددا لولا ضخامة وفجاجة التدخل الأمريكى الذى اعترف به الرئيس نيكسون فيما بعد وسبق لهنرى كيسنجر أن قاله للرئيس السادات ضمنا قبل وقف إطلاق النار بأن أمريكا لن تسمح بانتصار السلاح السوفيتى على السلاح الأمريكى فكان قرار السادات بتجنب الصدام المباشر مع أمريكا لأنه أدرك عمق الارتباط بين القرار الأمريكى بالتدخل السافر فى القتال بدءا من يوم 13 أكتوبر واندفاع إسرائيل لمغامرة الاختراق بقيادة شارون مساء 15 أكتوبر وبما يعنى أن أمريكا باتت شريكا مباشرا فى القتال ليس فقط من أجل عيون إسرائيل وإنما بسبب الحسابات الذاتية لأمريكا بعد هزيمتها فى فيتنام والخشية من انهيار سمعة أمريكا فى الشرق الأوسط بمثل ما حدث فى شرق آسيا فضلا عن إدراك جنرالات إسرائيل - باستثناء شارون - لعدم جدوى أى مغامرة إسرائيلية غرب قناة السويس.
.. وغدا نواصل الحديث