لا ينبغي أن يأخذنا الحماس والرغبة في القصاص أن نغفل عما يدبر لنا.. وما يخططونه لانهاك واضعاف مصر.
فقد أصبح واضحاً أن القوي الغربية تحاول أن تجر مصر إلي مواجهات تدخلها في طريق محفوف بالمخاطر والمفاجآت.
وكما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر الدكتور اسماعيل دباش فإن القوي الغربية تسعي لإضعاف مصر داخلياً وخارجياً.
فعملية إعدام 21 مصرياً في ليبيا تأتي بعد أسبوع تقريباً من تفجيرات سيناء الأخيرة. وهي عمليات تثبت أنها تتم علي يد عناصر مدربة وليست مجموعات عادية من حركات دينية أو سياسية دافعها الثأر أو الانتقام.
والقيادة السياسية واعية لذلك. وقد حذرت منه وتوقعته منذ أن كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع وتحدث عن هذا المخطط.
وربما جاء قرار عودة وحدات الجيش للمشاركة مع الشرطة في تأمين الشوارع وحماية الممتلكات العامة والخاصة مواكباً للتخوف من أعمال جديدة تستهدف بث الرعب وإشاعة الفوضي.
** وفي سعينا للثأر لأبناء مصر الذين أعدموا في ليبيا فإن المعركة ليست مع "داعش" ولا مجموعة إرهابيين. فهي معركة أكبر من ذلك وأخطر لأنها معركة مع القوي التي صنعت "داعش" وحركتها وسهلت التمويل لها ودفعتها للتحرك بحرية بين الدول العربية.
والهدف من ذلك واضح ولم يعد في حاجة إلي دليل جديد فأمريكا كما يقول اللواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب "عاصفة الصحراء" لتحرير الكويت هي التي صنعت "داعش" بهدف خلق حالة من الاقتتال الداخلي في الدول العربية لحماية إسرائيل.
ولا يقف الهدف عند حماية إسرائيل فقط. وإنما يمتد إلي حرب شاملة علي العروبة والإسلام. وتأليب العالم علي الخطر الأخضر القادم من بلاد المسلمين.
وهم الذين صنعوا هذه الحركة الإجرامية في سوريا والعراق وعندما قامت بما ينبغي عليها القيام به في تمزيق الدولتين فإنها تنتقل الآن الي ليبيا كبوابة للدخول الي مصر.
** والمثير للسخرية في هذه المأساة أن "داعش" تلقت تمويلاً مادياً هائلاً من منظمات وأفراد وجمعيات إسلامية في دول الخليج العربية.
فقد كانت هناك اعتقاد بأن حركة "داعش" هي انعكاس ورفض للشعب العراقي لحكم الشيعة واضطادهم للسنة. وسارعت هذه الجمعيات الخليجية الي دعم "داعش" لوقف المد الشيعي في العراق.
ولم يدرك اخواننا في دول الخليج انها ليست قضية سنة وشيعة بقدر ما هي حركة مسلحة تضم بقايا جيش صدام حسين الذين وجدوا أنفسهم بلا عمل بعد أن تم استبعادهم من الجيش والذين يتم استغلالهم وتوظيفهم في تنفيذ أعمال قد يعتقدون في صحتها بينما هي في الواقع لخدمة قوي أخري.
وعندما توقف الدعم الخليجي عن "داعش" بعد ثبوت عنفها وتطرفها فإن "داعش" لم تعد في حاجة إليه لأنها استولت علي آبار للنفط في العراق وبدأت في بيعه بأسعار أقل للدول الغربية التي أصبح البترول يصل إليها بأسعار أقل.. وجاء ذلك مواكباً للاستراتيجية الأمريكية في الهبوط بأسعار البترول لأدني مستوياته من أجل ارهاق روسيا التي تعتبر من أكبر مصدري البترول.
** وبعيداً عن كيفية انتشار "داعش" ووجودها فإننا يجب ان نتوقع أعمالاً أخري ارهابية تتعلق بملاحقات واختطاف للمصريين في ليبيا وربما غيرها من الدول. فالجبناء من داعش لا يتحولون الي أسود إلا عندما يواجهون العزل من السلاح. الذين قد لا يعرفون لماذا يتم اختطافهم. ولماذا يتم التضحية بهم؟ أما في مواجهة معركة مع جيش منظم وقوي مثل جيش مصر فإنهم يتحولون الي فئران مذعورين تختبئ في الكهوف والجبال..!
ونحن علي استعداد لنقبل كل التضحيات في سبيل أن نتخلص من هذه الغمة وهذا التهديد الارهابي الذي كان واجباً ملاحقته وتوجيه الضربات إليه منذ وقت طويل.
** وكان لابد من إقالة مدير المخابرات الليبية سالم الحاسي بعد مذبحة إعدام المصريين.
فقد ثبت أن هذا الرجل كان آخر من يعلم. وأنه لم يكن علي دراية بما يجري في بلاده. ولا يستبعد أيضاً أن يكون متواطئاً مع جماعة أو جهة ما.
ومجلس النواب الليبي أقاله. والاقالة وحدها لا تكفي.. ولابد من محاكمته وأن يدفع الثمن.
** ولجيش مصر العظيم كل التحية.. فمنذ ثورة يناير 2011. وطوال أربع سنوات وهو في حالة استعداد دائم لحماية مصر في الداخل والخارج. ولولا أن المؤسسة العسكرية كانت علي مستوي المسئولية لكان مخطط تقسيم مصر قد انتهوا منه. ولكانت مصر في دوامة من الاقتتال والحرب الأهلية.
واليوم لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. ولا خلافات أو انقسامات في الآراء والتوجهات.. كلنا جميعاً مع وخلف الرئيس.