هل كانوا في أخبار الأدب يعرفون من حصلت علي الجائزة مسبقاً وقاموا بإعداد هذا الملف في فترة زمنية كافية؟ لأن إعداده في الساعات الأربع يعد معجزة صحفية بكل المقاييس. بل ربما كان مستحيلاً
تأخرت في تحية أسرة تحرير جريدة أخبار الأدب ورئيس تحريرها طارق الطاهر علي التناول الصحفي النادر الذي لم يسبقه أحد عندما حصلت سفيتلانا ألكسيفيتش. علي جائزة نوبل مؤخراً. كان عنوان الغلاف: نوبل 2015، ويذكر الحاصلة عليها باعتبارها الكاتبة التي لا يعرفها أحد في العالم العربي.
ومن المعروف أن جائزة نوبل يتم الإعلان عنها في الخميس الثاني من شهر أكتوبر من كل عام. وحسب فروق التوقيت فإن الإعلان يصلنا في الثالثة بعد الظهر. ولأنني عملت بالصحافة فترة طويلة من الوقت. ربما تزيد علي 29 عاماً. وأعرف أن المطابع تدور بجريدة أخبار الأدب السابعة مساءاً حسب توقيتات مطابع أخبار اليوم حتي تكون في الأسواق صباح الجمعة. علي الرغم من أن التاريخ المكتوب علي غلاف الجريدة صباح الأحد.
بمختصر العبارة فهذه التوقيتات تقول أن المادة التي نشرتها الجريدة استغرق إعدادها أربع ساعات فقط. تمكنوا فيها من إعداد ستة عشر صفحة كاملة فيها مادة مثيرة للدهشة. وعندما قرأت هذا الكلام سألت نفسي والنفس أمَّارة بالسوء:
- هل كانوا في أخبار الأدب يعرفون من حصلت علي الجائزة مسبقاً وقاموا بإعداد هذا الملف في فترة زمنية كافية؟ لأن إعداده في الساعات الأربع يعد معجزة صحفية بكل المقاييس. بل ربما كان مستحيلاً.
وعندما أقول أن الكاتبة مجهولة لنا في الوطن العربي. بل ربما كانت مجهولة علي مستوي العالم كله. وحصولها علي الجائزة كان مفاجأة من العيار الثقيل من لجنة نوبل. فلم يسبق أن ترجم لها حرف واحد إلي اللغة العربية. ولو حتي من باب الصدفة. لكن يبقي الإعجاز الحقيقي وهو التناول الصحفي المتنوع. وحتي أشرك القارئ معي في إعجابي بالعدد أقول له هذه هي عناوينه فقط.
كذبت المراهنات ولو صدقت. جمال المراغي. كتابة تبتسم بالصراحة وغير متفائله بالمستقبل. رصد تاريخ الرجل الأحمر، ميرفت عمارة. صوت المنسيين، سمير جريس - برلين. مرشحة لنوبل منذ 2013، دكتور محمد نصر الجبالي. مقابلة لها في وارسو، تقول فيها: علينا الحوار بدلاً من القتل، أري نفسي كاتبة بيلاروسية بمشاعر سوفييتية، أحمد صلاح الدين. مقتطفات من كتابها: نهاية الرجل الأحمر. علامات مسلسلة تاريخياً، لطفي السيد. محمد المخزنجي سعيد بفوز تشيرنوبل.
مقطع من كتابها: أصوات من تشيرنوبل» مونولوج الأكاذيب والحقائق. الموقع الشخصي لكاتبة نوبل: طفولة ريفية وصراعات سياسية. جائزة نوبل بين التكهنات والترشيحات. في السنوات الأخيرة بدأت تظهر أنواع أخري من الصحافة الإليكترونية مثل المنتديات التي يضع فيها أحد الخبراء جهده في البحث والتدقيق لترشيح ما يتراوح بين 50 إلي 100، يرجح ألا يخرج الفائز عنهم بالجائزة. ويستخدم كل منهم طريقة خاصة في عرض ما يتوصل إليه. في تقرير للواشنطن بوس افترض أن يكون الفائز امرأة بمناسبة تولي السكرتير الدائم للأكاديمية سيدة لأول مرة منذ فترة طويلة، جمال المراغي.
ثم حديث مع لبيتر إنجلند، السكرتير السابق للأكاديمية السويدية، ترجمته ميرفت عمارة. وعنوانه: لا ننظر لنوبل كمسابقة، واهتمامنا الوحيد ينحصر في العثور علي من يستحق الجائزة. ثم تعريف بسارة دانيوز السكرتير الجديد لنوبل. وآخر الملف غير العادي يكتبه جمال المراغي: مراهنات نوبل.
هل تريدون الحق أم ابن عمه؟ طبعاً تريدون الحق ولا شئ غير الحق أكثر ما أعجبني في هذا الجهد الصحفي النادر أنه نشر في الأسبوع الأخير من حياة جمال الغيطاني، مؤسس أخبار الأدب. وكنت أنتظر عودته حتي أحدثه أول ما أحدثه عما فعلته أخبار الأدب مع نوبل 2015، فجمال الغيطاني هو الذي وضع هذا التقليد وسار عليه كل من جاءوا بعده. أن العدد الذي يصدر من أخبار الأدب بعد الخميس الثاني من أكتوبر من كل عام لا بد أن يحتوي مادة وفيرة وغزيرة عن الفائز بالجائزة.
نفذت أخبار الأدب التقليد بدقة. لكني أعتقد أن هذا العام كان هناك تفوق في غزارة المادة وتنوعها. ولن يعرف حجم هذا الجهد ولا صعوبة القيام به إلا من مارس مهنة الصحافة بنفسه، ومر بدهاليزها من المحرر الصغير حتي رئيس التحرير.
لكن القدر سبقني وسبقنا ورحل جمال الغيطاني بعد أسبوع من صدور العدد فجر الأحد 18 أكتوبر 2015، وهكذا لم أتمكن من أن أقدم له التهنئة الخالصة بهذا العدد الذي يعد أحد ثمار غرسه. وتنفيذاً لتقليد هو من وضعه. وإن كنت أتصور أن صدور عدد بهذا الشكل هو تحية لجمال الغيطاني في أبديته قبل أن يكون تحية لطارق الطاهر والزملاء الذين أعدوا هذا الملف من أخبار الأدب في وقت قياسي بكل المعاني.