نبيل زكى
الحرب علي الصحافة التركية
مشاهد الاقتحام المفاجيء لوسائل الإعلام المتهمة بتوجيه انتقادات للرئيس التركي رجب طيب اردوغان او التعاطف مع أحزاب المعارضة، أصبحت من الأمور العادية في تركيا، بل ان عدد من تم اعتقالهم بتهمة إهانة اردوغان اكبر من عدد الذين اعتقلوا بسبب ارتباطهم بتنظيم داعش!!
يقول مظفر سليمانوف، الباحث في لجنة برنامج حماية الصحفيين في اوروبا وآسيا الوسطي، ان الضغوط والهجمات أعاقت قدرة الصحفيين الاتراك علي التغطية الاخبارية بحرية واستقلالية. ومنذ شهر يونيو الماضي تم اعتقال اربعين صحفيا اثناء عملهم، ومازال عشرون منهم قيد الاعتقال.. وتمت الإغارة علي مكاتب صحيفة «حريت»- أهم صحيفة تركية- مرتين وتدمير محتوياتها، وبعدها وقع اعتداء علي «احمد حاقان» كبير محرري الصحيفة بواسطة دهماء مسلحين قرب منزله. وعقب الهجوم الارهابي علي حشد جماهيري في انقرة يدعو للسلام نظمه حزب الشعوب الديمقراطي، ما أسفر عن استشهاد ١٠٢ واصابة اكثر من ٥٠٠ في أسوأ حادث في التاريخ التركي، أصدر اردوغان قراراً بفرض حظر شامل علي نشر أية انباء أو تقارير أو انتقادات في جميع وسائل الاعلام المطبوعة أو المرئية أو في وسائل الاتصال الاجتماعي والانترنت حول كل ما يتعلق بهذا الهجوم الارهابي.. وظهر ان حظر النشر استهدف اختراع حكاية والترويج لها.. مفادها ان حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي وراء هذا الهجوم رغم ان الهجوم استهدف هذين الحزبين بالتحديد! ومعني هذه الأكذوبة ان حزب الشعوب الديمقراطي شن هجوما ارهابيا علي الحشد الجماهيري الذي تولي، هو نفسه، تنظيمه!!
هكذا استهدف حظر النشر إبعاد الانظار عن المجرمين الحقيقيين الذين ارتكبوا المجزرة والذين ينتمون، فيما يبدو إلي «الدولة العميقة» ويتساءل صلاح الدين ديميرطاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي: «هل من المعقول ان تكون هناك دولة تملك جهاز مخابرات قويا ولم تعرف شيئا ولم تصل اليها أي معلومات مسبقة عن هذا الهجوم؟
ويخاطب ديميرطاش الحكومة التركية قائلا: «انتم قتلة وأيدكم ملوثة بالدماء»، وهو مقتنع بان هناك عناصر داخل المخابرات التركية ساعدت علي الإعداد لمجزرة انقرة أو انها، علي الأقل، كانت علي علم مسبق بوقوعها.
وتشكل تركيا الآن اكثر المجتمعات عداء للصحفيين ويقول الصحفي التركي جولسين هارمان «ان ممارسة مهنة الصحافة في تركيا الآن اكثر صعوبة بكثير، وان الشعب فقد ثقته في وسائل الاعلام».
لقد وصل الأمر إلي حد منع الصحفيين الأتراك من المشاركة في مراسم دفن شهداء العمليات الارهابية!
اكتب هذه السطور بعد ان توجه الناخبون الأتراك للادلاء باصواتهم في انتخابات برلمانية مبكرة. وكل الدلائل -وفقا لمعظم المراقبين- تؤكد ان الحزب الحاكم لن يحصل علي أفضل مما حصل عليه في الانتخابات السابقة، مما يعني نكسة كبري لهذا الحزب وبدء مرحلة احتضاره.
كلمة السر : الجريمة لاتفيد
هل تصبح حكومة الحزب الواحد من صفحات الماضي؟ <