الصباح
وائل لطفى
إقالة الحكومة.. المهمة الأولى للبرلمان المقبل&الحوار من طرف واحد بين الدولة.. والشعب
إقالة الحكومة..المهمة الأولى للبرلمان المقبل
>> البرلمان الجديد فرصة للرئيس لإقالة الحكومة لأن الدستور ينص على هذا
>> التلاسن السياسى والانفلات الإعلامى أحد أعراض غياب السياسة عن المجتمع.. وليس معقولًا أن يتولى الرئيس هذه المهام بنفسه
>> هناك أكثر من دليل على فشل من يتولون ملف الإعلام فى أروقة الدولة.. ولابد من عودة منصب وزير الإعلام وإسناده لشخص ذى ثقل

الحسنة الوحيدة للبرلمان المقبل أنه يمكن أن يكون مبررًا للرئيس لحل الحكومة! والدستور ينص على ذلك، وأعتقد أن الواقع يفرض ذلك.. من الناحية الواقعية الحكومة تكاد تكون لم تبدأ العمل حتى نحكم عليها.. لكن الواقع لا يحتاجها، مصر الآن فى حاجة إلى رئيس وزراء ذى رؤية اقتصادية ينقذ البلد مما هى فيه ومما هى مقبلة عليه.
مصر فى حاجة أيضًا إلى رئيس وزراء ووزراء يفهمون فى السياسة.. وكلا الشرطين لا يتوافران لا فى رئيس الوزراء شريف إسماعيل ولا فى وزرائه.. فليقل الرئيس الحكومة إذن.. والحجة الدستورية والسياسية جاهزة ومقبولة.
ولتكن هذه حكومة انتقالية أدت دورها ثم رحلت ولها منا جزيل الشكر.
ولتأتى حكومة لها برنامج واضح تعرضه على الرئيس وعلى مجلس النواب ويتم إقراره قبل تشكيلها وعلى أساسه تبدأ العمل.. لعل هذا يمنح الناس بعض الأمل.
لست من هواة تضخيم الأمور أو تهويلها، لكن الحقيقة أن الناس تشعر بإحباط عميق.. ولعل تغييرًا - فى الاتجاه الصحيح - يمنح الناس بعض الأمل.
الناس فى حاجة لمن يخاطبها ويشرح لها إلى أين نحن سائرون، ويمنحها بعض الأمل.. ولا أحد يفعل هذا باستثناء الرئيس، وهو يفعله على فترات متفاوتة وبدرجات متفاوتة وباستثناء الرئيس لا يوجد أحد.
لا يوجد حزب سياسى يمثل الأغلبية، وبالتالى لا أحد يتكلم مع الناس باسم السلطة السياسية.. ومؤسسة الرئاسة لا أحد يتكلم باسمها سوى الرئيس.
ورئيس الحكومة لم يخاطب الناس منذ تولى منصبه سوى مرة أو مرتين، وهو غير موهوب فى الموضوع كله على بعضه من الأساس.
والمتحدث باسم مجلس الوزراء موظف بدرجة سفير، ولا يخرج عن النص التقليدى الممل بحرف.
والوزراء ملامحهم باهتة وخطابهم غير جاذب، والناس تكاد لا تعرف أسماءهم ولا أشكالهم.. الناس فى حاجة لمن يخاطبهم ويطمئنهم، ويدخل معهم فى حوار يومى حول قضاياهم ومشاكلهم.. وهذا غير متوافر على أى مستوى من مستويات الدولة المصرية باستثناء ما يقوم به الرئيس.
المشهد يبدو مرتبكًا وبه قدر من الفوضى.. وهذا نتيجة مباشرة لغياب السياسة عن الحكومة وعن البلد كلها.
حالات التلاسن والانفلات الإعلامى واختراق مواثيق الشرف المهنية وهيستريا الإعلام والهيستريا المضادة على الفيس بوك.. كلها مؤشرات لغياب السياسة عن البلد.
ليس مطلوبًا من الرئيس أن يتدخل ليمنع مرشحًا أو والد مرشح من سب مرشح آخر.. أو تهديد قناة فضائية.. ولا مطلوب من الرئيس أن يسيطر على إعلامية جامحة ترى فى الفضائح وانتهاك الحياة الخاصة لفتاة ضعيفة وسيلة لترويج برامجها.. لكن ضبط الأداء الإعلامى هو بالتأكيد مسئولية الدولة، وعندما تلغى الدولة منصب وزير الإعلام، وتترك الملف ليدار عرفيًا بأيدى مسئولين محسوبين على الرئيس فإن النتيجة ستكون كما نرى.. وهى من وجهة نظرى فشل ذريع.
فإذا كانت مواثيق الشرف غائبة.. والساحة السياسية والإعلامية تبدو مثل مولد وصاحبه غائب فلابد أن يحاسب الرئيس من ولاهم مسئولية ملف الإعلام فى هذا البلد.
ومع كامل احترامى فإن وجود مكتب للإعلام ملحق بمكتب الرئيس أو وجود اتصالات شخصية بين بعض أعضاء مكتبه وبعض الإعلاميين لم يورثنا سوى هذا المشهد الذى نراه الآن، وهو مشهد ليس سعيدًا ولا مبهجًا.. ولا أظنه دليل نجاح على الإطلاق.
فالذين يتولون ملف الإعلام لا نجحوا فى ضبط المشهد الإعلامى، ولا فى التعبير عن الدولة فى مصر.. ولا فى كسب الشباب والتعامل مع غضبهم ولا فى أى شىء واضح حتى الآن.

الحوار من طرف واحد بين الدولة.. والشعب
>> لماذا لا تعلن الدولة للناس دراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات القومية وتقنعهم بمزاياها
>> الآراء التى تتحدث عن ضرورة إعطاء الأولوية لملفات التعليم والصحة لها وجاهتها ولابد أن يهتم الرئيس بمناقشتها
>> لابد أن يعلم الناس من أين سيتم تمويل المشروعات القومية ولابد أن تعلم الدولة أن هذا ليس الطريق الوحيد للتنمية

إحدى علامات الارتباك فى المشهد العام هو أن الحوار يبدو غائبًا عن المجتمع، وإن وجد فهو حوار من طرف واحد، وهى مشكلة تعلن عن نفسها فى العشرات من القضايا.
على سبيل المثال ومع تصاعد أزمة الدولار تحدثت عشرات الأصوات لخبراء وكُتَّاب وإعلاميين وسياسيين عن أن الوقت ليس مناسبًا للدخول فى المشروعات القومية الكبرى التى تستدعى ميزانيات ضخمة تتحملها الدولة بالكامل.. وتحدث البعض عن ضرورة الاهتمام بالمشروعات المتوسطة والصغيرة وبحل أزمات المصانع المغلقة... إلخ.
ولاشك أن للدولة وجهة نظر أخرى، وجهة النظر هذه هل اهتم أحد بتوصيلها للناس؟ فى الحقيقة لا.. هل اهتم رئيس الوزراء مثلًا بشرحها فى مؤتمر جماهيرى؟.. الجواب هو لا.. لم يحدث.
طيب.. هل اهتم بعقد لقاء مع مجموعة من الإعلاميين ليشرح لهم أسباب التمسك بهذه المشروعات القومية.. والعائدات التى ستعود على الاقتصاد المصرى من البدء فيها؟.. الإجابة أيضًا هى لا كبيرة.. نافية وجازمة.
حسنًا.. هل اهتم أى مسئول فى الدولة بأن يؤكد للناس أن هناك دراسات جدوى تم إعدادها لهذه المشروعات حتى وإن لم يتم الإعلان عنها لأى سبب؟ الإجابة أيضًا هى لا.. نافية وجازمة.. وقاطعة.
أليس هذا محبطًا للناس؟ ألا يوحى بشىء من التعالى.. أليس هذا الغموض مثيرًا للمخاوف حتى لو كانت هذه المشروعات تحمل الخير للناس كما نتمنى ونرجو جميعًا.
>> جزء آخر من الحوار المعدوم هو حول أولوية الاهتمام، وهل نهتم بجسد مصر أم بعقلها.. هل نهتم بــ«سوفت وير» أم بـ«الهارد وير»؟.. «الهارد وير» كما نعلم جميعًا هو الجزء المادى فى جهاز الكمبيوتر «الشاشة ولوحة المفاتيح»... إلخ.. و«السوفت وير» هو البرامج التى بدونها تصبح أجزاء الكمبيوتر قطع جماد صماء لا لزوم لها.
«السوفت وير» فى حالة مصر.. هو مشروعات التعليم، والصحة، وكل ما يتعلق بتطوير العقل المصرى، و«الهارد وير» فى حالاتنا هذه هو المشروعات الإنشائية مثل العاصمة الجديدة، والمليون ونصف المليون فدان.. ومدينة الجلالة... إلخ.
والحقيقة أن الذين يطالبون بالاهتمام بــ«سوفت وير» أولًا.. أو إعطاؤه الأولوية لديهم بعض الحق.. فبدون تطوير الإنسان المصرى وتنمية مهاراته.. فإن مثل هذه المشاريع لن تجد من يديرها ومن ينميها أو يعظم من قيمتها.
وبدون مشاريع أخرى تساهم فيها الرأسمالية الوطنية ورجال الأعمال المخلصون وبدون مبادرات اقتصادية خاصة.. فإن النتيجة لن تكون مرضية.
والرأى الأخير منسوب للاقتصادى الشاب محسن عادل، وهو عضو المجلس الاستشارى الاقتصادى للرئيس.. ولكن فى هذه المرة أيضًا فإن الحوار من طرف واحد، والذين يطرحون هذه الآراء لم يسمعوا سوى رجع الصدى.. والمعنى أن أحدًا لم يهتم أن يناقش هذه الآراء.. أو يرد عليها.. وهذا بالتأكيد داعٍ آخر من دواعى الإحباط.. والانسحاب من المجال العام.
يا سيادة الرئيس.. غيّر حكومتك.. لأن الناس لا تطمئن لها، وغير مستشاريك.. لأن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى أن بعضهم ليس كفئًا.. واستثمر حب ملايين المصريين لك.. وتأكد أن الناس لم تنس أنك نجحت فى التصدى للإرهاب.. وفى الحفاظ على كيان الدولة المصرية.. لكن الناس تسأل.. وماذا بعد؟؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف