الأهرام
عباس شومان
من يشترى البترول من داعش؟
من يشترى بترول داعش ؟ سؤال جاء ضمن حوار طويل مع رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي وعضو مجلس النواب الفرنسي/جان فريدريك بواسون الذي استقبلته بمكتبي فى أثناء حديثنا عن تنظيم داعش الإرهابي ، وقد حاول خلال اللقاء كغيره أن يصور الحركات المسلحة على أنها تنطلق من قناعات دينية مدعيا وجود نصوص متشددة في القرآن والسنة ، متخفيا من حدة هذا الطرح قائلا: بأنه وجد أيضا نصوصا متشددة في العهدين القديم والجديد آملا أن يحصل على معلومات أو آراء ترضي وجهة نظره أو فكره وثقافته التي تصور داعش على أنها جماعة مسلمة تنطلق من قناعات دينية تستند على نصوص متشددة في ديننا الإسلامي كما يصور ذلك للأسف إعلامنا.
وبذكاء من الضيف حاول أن يخفف ويهون من واقع الأسئلة ظنا منه وهو يوجه اتهاماته على أنها حقائق قائلا : إنه يرى نصوصا متشددة في نصوص الأناجيل أيضا؟ فقلت له :لا توجد نصوص متشددة لا في ديننا ولا في الدين المسيحي، ولكن التشدد يأتي من الفهم الخاطئ لهذه النصوص، فالنصوص التي يراها بعض الناس مسوغا للعنف لا تخرج عن كونها نصوص قتال وردت لرد الاعتداء ودفعه ، وليس لشنه وبدايته كما يفهم هؤلاء، أو لمعاقبة المجرمين على جرائمهم والمعروفة بعقوبات القصاص والحدود ولا عنف في هذا أو ذاك بل هي لدرء العنف ونفيه من المجتمعات ليعيش الناس في سلام.

أما داعش فلا علاقة لأفعالهم بالقناعات الدينية وإن برروا لها أحيانا بهذه النصوص الصحيحة في كتاب الله أو سنة رسوله بعد لي أعناقها لتحميلها مالا تحتمله، أو تلك الروايات المدسوسة المهملة في كتب تراثنا التي يستشهدون بها على الذبح أو الحرق ونحوهما ، وقناعتي الشخصية التي تزداد يوما بعد يوم :أن داعش صناعة عدائية تفتقت عنها أذهان دول معادية لمنطقتنا العربية والإسلامية ، وما أرى الذين يظهرون عقب تنفيذ جرائمهم النكراء إلا مجموعة من الكومبارس للتغطية على فكر استخباراتي وجنود أو مرتزقة في الأغلب يتبعون هذه الدول هم من يخطط ويمول وينفذ على الأرض، وإلا فكيف لجماعة يفترض أنها تعيش تحت الأرض لنبذها من قبل الدول التي تنتشر على أراضيها من امتلاك هذا الثراء الذي يصعب إخفاء مظاهره البادية على مجموعات الكومبارس هذه بل وعلى ضحاياهم من ملابس تذكرنا بمعتقلي جوانتنامو كأنها وردت للتو من مصنعها مصنوعة على مقاسات الضحايا لاهي بالطويلة ولا القصيرة ولا الضيقة ولا عكسها

وكيف لجماعة مضطهدة تملك أسلحة متطورة وقدرة على قهر جيوش لعدة دول من غير أن يعرف لها مقر أو نقطة تمركز أو ترصد لها طائرات الاستطلاع التي تسرح وتمرح في سماء العالم ويقولون عنها إنها ترصد أدق التفاصيل حتي مقاسات الملابس ،وكيف لداعش أن تسير آمنة مطمئنة عشرات الكيلومترات في قلب الصحراء المكشوفة تماما لتحتل مدينة تدمر السورية مثلا؟ أو عبر الصحراء الليبية وصولا إلى شاطئ البحر لتخرج فيلما يضاهي ما تخرجه هوليود آمنة مطمئنة لا تنظر إلى السماء تفاديا للضربات الأمريكية أو الاختباء من طائراتها الاستطلاعية؟!

وكيف لجماعة مطاردة يصل بها الثراء إلى ضرب عملة ذهبية ذات قيمة تعجز عنها اقتصاديات الدول التي صنعتها وجاءت بها إلى أراضينا؟ فمن أين لها بهذا الذهب وأين هي دار سك هذه العملة؟

أما عنوان المقال وهو سؤال فهو رد على سؤال لضيفي الفرنسي حين قال إنه يسعى لإجراء تحقيق حول وجود مشترين لبترول من داعش من عدمه؟ فقلت له التحقيق لا يكون لمعرفة وجود مشترين من عدمه وإنما يكون لمعرفة المشترين لهذا البترول، فأين ذهب البترول الذي تصرفه داعش يقينا من الآبار التي تسيطر عليها، قطعا لا يشربونه وحتما لا يشتريه العرب لأن العرب يبيعونه ولأنهم لا ينتفعون به خاما وإنما بعد تكريره من قبل من يشترونه بثمن بخس ليعيدوا بيعه للعرب مضاعفا أضعافا كثيرة.

وبعيدا عن الحوار الساخن الذي استغرق ساعتين يصعب حصر الأسئلة المرتبة والمعدة بإحكام مسبقا من قبل الضيف الذي يعرف ماذا يريد لكن بفضل الله فقد جاءت الإجابات مغايرة تماما لفكره وثقافته التي يحاول وغيره فرضها على العالم لتشويه الإسلام سواء كان ذلك عن قصد أو عن سوء فهم لديننا الحنيف لكن يبقي السؤال من يشترى بترول داعش ؟ وأضيف عليه من يأتيهم بالسلاح المتطور ومن يدفع ثمنه؟وهل هناك توجه حقيقي لمواجهته؟؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف