نشوى الحوفى
افتحوا الكراريس للدرس المصرى
سألنى حفيد حورس مالك الغد فى بلادى:
ما ثروة مصر الحقيقية من وجهة نظرك؟
قلت: موقعها ومواردها وناسها وجبروت طمى النيل الموروث منذ آلاف السنين.
قال: ما تتحدثين عنه هو كنوز هذا الوطن وأسس يعتمد عليها للبقاء. ولكننى أسأل عن نقطة القوة فى هذا البلد.
قلت: لا أعلم، أجبنى أنت.
قال لى: إنه القائد يا أمى. قوة مصر ليست فى سلاح تمتلكه ولا موقع حباها الله به، ولا موارد يوجد أضعافها فى بلاد غيرنا. قوة مصر فى قائد يؤمن بها فيمنحها حياته وفكره وجهده ويتحدى بناسه العالم والصعاب والتحديات.
- قلت: أراك تخالف جيلك، فترسخ لفكرة القائد الأوحد الذى يخشون ظهوره؟
- قال: الفكرة ليست فى مخالفة أحد، الفكرة فى وقائع التاريخ التى تدعم نظرتى تلك. راجعى فترات نهوض مصر عبر تاريخها المختلف، تجدين أن نهضتها وانتصاراتها ارتبطت دوماً بقائد. وحّدها «مينا»، وسعى لتجديد دمائها وتحديث نهضتها حتشبسوت، ورمسيس الثانى، وبدر الجمالى، ومحمد على، وجمال عبدالناصر. انتصرت فى معارك كان الجميع يعلن استحالة فعلها ذلك بفضل القائد لا بفضل العتاد الحربى: أحمس، صلاح الدين، قطز، إبراهيم باشا، أنور السادات. تذكرى أننا فى حرب أكتوبر 73 كنا الأضعف فى التسليح ومراكز القوة العسكرية بكل الحسابات. ولكن كان هناك قائد آمن بهذا البلد وناسه وقدرات رجاله، فتحدى بهم المستحيل.
قلت: بحكم التاريخ الذى أجيده تكسب أنت نقطة النقاش تلك. نعم هو القائد ثروة مصر الحقيقية. وما حكمك إذن على قائد اليوم؟
قال: عسكرى مصرى يعرف قيمة الوقت ومعناه. آمن به البسطاء وصدقوه رغم ما يدفعونه من صعوبة فى العيش. أيقنوا أنه صادق فمنحوه محبتهم وثقتهم. رأوا جديته وتحديه العالم من أجل بلادهم فتركوا له القيادة. تلك طبيعة شعب لا يسعى لسلطان ولكنه دائم البحث عن ذاك السلطان القادر على توفير الحماية ورغيف العيش ومن قبلهما الثقة.
قلت: سيقولون عنك صانع فرعون جديد؟
قال: وتلك آفة الجهالة يا سيدتى، ليتنا نعرف قيمة الفراعنة ونترك لبلادنا ما تركوه من إنجازات. ليتنا نكون فراعنة فنبنى أهرامات جديدة فى كل مجال، ونشق عشرات القنوات، ونزرع ملايين الأفدنة، فننشر فى مصرنا خضاراً. ما أطيب العيش فى ظل فرعون عادل يعشق بلاده ويسعى للنهوض بها وبأهلها. تذكرى كلماتى نحتاج دوماً الفرعون العادل صاحب الرؤية.
تركت صاحب الغد، حفيد هذا الحورس، وأنا أهز رأسى موقنة بذلك الدرس المصرى الذى منحنى إياه رغم فارق العمر. نعم فكلمة السر فى بلادى دوماً -رغم عشقى لدولة المؤسسات التى نحتاجها- هى القائد. القائد الذى قال كلمته فى هدوء واتخذ قراره بروية دون انفعال بموقف، فكان فى قلب جيشه داعماً بينما نسوره تطير فى سماء ملبدة ترسل الجحيم فوق رؤوس أعداء وطن، دون أن يعير مُدعى القوة أو المعلومات أو الخونة أى اهتمام. فعينه على بلاده وشعبه وهم داعمون له، فاللهم أدعوك أن تمنحه البصيرة والقدرة والمدد، لا لينهض بنا فقط، ولكن ليخلق قادة الغد.
افتحوا الكراريس واكتبوا الدرس المصرى.