الأهرام
جمال عبد الناصر
صلاح والبيت المقدس
حدثنا التاريخ عن تقديس الحرمات والدفاع عنها مهما كلَّف ذلك أصحابها من مال ونفس ووقت؛ وحدثنا القرآن عن حرمات الشعائر ومنكانة من يعظمها حيث {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وها هي تنتهك حرمات المسجد الأقصى الذي أمَّ فيه الرسول الكريم الأنبياء جميعًا.
ونحن الآن نرى غفلة كبرى تخيم على العرب والمسلمين ولا يحركون ساكنًا سوى ما يفعله رئيس فلسطين المحتلة من مخاطبة المحكمة الدولية الجنائية التي ما أظنها أنشئت إلا للتحكُّم في رقاب الدول المستضعفة لمصلحة الدول المهيمنة، فقد ضحكوا علينا بأشياء لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تصب إلا في مصلحتهم هم، فنسمع عن: مجلس الأمن، الأمم المتحدة، منظمات حقوق الإنسان، كل هذه الأشياء المفروض أنها معنية بحفظ الحريات وحقوق الإنسان وصيانة المقدسات، ولكن نرى عيانًا هذه الحقوق تُنتهك ليل نهار، ولا أحد يتكلم!! فهذه المنظمات راضخة تحت سلطة الدول الغربية، سواء الدول الخمس صاحبة حق الفيتو، أو دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا عمومًا، نرى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يداس بأقدام اليهود بمساندة علنية من حكومة نيتانياهو ولا أحد يتحرك، والكل ينظر وهو صامت، ولا نرى سوى ما يقوم به شباب فلسطين من جهاد ضد الصهاينة أعداء الإسلام والإنسانية، إن قوما لا يعظمون أماكن قدَّسها الله تبارك وتعالى لهم قوم غافلون، يوشك أن ينتقم الله منهم.
وها نحن نرى المتطرفين اليهود يقتحمون الأقصى ويسعون لتدميره وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه بمنتهى الوقاحة والاستهزاء والسخرية بالعرب والمسلمين الذين صاروا غثاءً كغثاء السيل، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، كل هذا يتم تحت حماية جيش الاحتلال الصهيوني، فهل يجرؤ أحد أن يصف ما يحدث للأقصى على أيدي هؤلاء المجرمين الصهاينة بأنه عنصرية وإرهاب وحقد أسود مكنون في النفوس أين أنتِ يا حمرة الخجل؟!
أين أمريكا وأين دعاة حقوق الإنسان؟ وأين مجلس الأمن؟ وأين الأمم المتحدة؟ أوليس ما يحدث انتهاكا لحقوق أمة بأكملها وإهانة لمقدساتها ودوس على كرامتها؟!
لماذا لم يتحرك رؤساء العرب والمسلمين لنصرة المسجد الأقصى؟ هل هذا المسجد مِلْك لليهود؟ كل الدراسات التاريخية والاستراتيجية ودراسات علماء طبقات الأرض التي قامت على الحفريات أثبتت كذب اليهود وافتراءاتهم وبطلان مزاعمهم في المسجد الأقصى وملكية الهيكل المزعوم.
ما يرتكبه الصهاينة في حق أبناء فلسطين أمر يندى له الجبين، فهل سمعنا أحدًا من العرب تكلم؟ كلا، أين الأمة العربية والإسلامية؟ حدِّث ولا حَرَج، لما أتت للقائد صلاح الدين رسالة على لسان المسجد الأقصى تقول:
يا أيها الملك الذي لمعالم الصُّلبان نكَّس
جاءت إليك ظلامة يشكو بها البيت المقدس
كل المساجد طُهّرت وأنا على شرفي أنجّس!!
فأقسم القائد صلاح الدين الأيوبي ألا يمس جسدَهُ ماءٌ حتى يحرر المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين، وقد كان، لما وُجد العزم والرجال جاء النصر بفضل الله تعالى، ودخل صلاح الدين القدس ومعه العلماء والزهاد ليدعو الناس للدين الحق ويطهر القدس من رجس الأعداء.
فهلا انتفض المسلمون جميعًا دفاعًا عن أرضهم وعرضهم وحفاظًا على قضيتهم قضية فلسطين؛ كي يستردوا مسرى نبيهم الكريم؟! أم أنهم سيتركون الأطفال العرايا والجوعى يواجهون آلة البطش والظلم الصهيونية بصدروهم العارية وبأحجارهم التي ترعب وتقضُّ مضاجع جنود بني صهيون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف