محمد مصطفى حافظ
المشروعات الصغيرة فين !!!
منذ إعلان التشكيل الوزاري لحكومة المهندس شريف إسماعيل ، وإختيار المهندس طارق قابيل وزيراً للتجارة والصناعة "فقط" ، خلفا لمنير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ، وجميع الاقتصاديين إصابتهم الحيرة والتساؤل، إين المشروعات الصغيرة والمتوسطة هل الغيت التبعية من وزارة الصناعةرغم أنها أحد أذرعها الشرعية ومهامها الأساسية برعايتها من خلال هيئاتها ومجالس التدريب الصناعي وتحديث الصناعة والصندوق الاجتماعي للتنمية من خلال توفير العمل والتدريب والتمويل ؟ والغريب لما سألت شخصياً الوزير الجديد أين المشروعات الصغيرة والمتوسطة أجاب بحيرة لا إداري .. أنتظر أشعارا آخرا!!.
فمنذ ثورة ٢٥ يناير زاد طموح المصريين في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية والبناء والتنمية لوضع مصر بالمكانة التي تستحقها في مصاف الدول المتقدمة ، وزاد توجه الدولة لأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق هذه الأهداف العدالة، فضمت الي وزارة الصناعة والتجارة وكانت مهمتها إعداد خطة لإدارتها ترتكز علي التنسيق مع الجهات المعنية والبنوك لتسهيل إجراءات إنشائها وإتاحة التمويل ، وثانيا إنشاء مجمعات صناعية متخصصة الصناعات ودعم المشروعات اليدوية والحرفية و أصحابها للحفاظ علي هذه الصناعات ومنع اندثارها ، ورابعا دعم المشروعات المتخصصة داخل المدن ، صحيح أنها كانت ضمن أنشطة الوزارة " يافطة " لأنها فاشلة في التجارة "الميزان التجاري مختل" والصناعة " لا تعليق" ، ولكنها للأسف الآن تفرق دمها ومجهولة النسب !!!!
و حتي لا نخترع العجلة فيجب الاستفادة من تجارب الدولة المتقدمة فمثلا منذ التسعينيات بفرنسا تم إنشاء وزارة للمشروعات الصغيرة واختاروا وزيراً يملك الخبرة العملية في الإدارة وريادة الأعمال ووفروا له الإمكانيات الهائلة عن طريق تسهيل إجراءات تأسيس الشركات للشباب وإقراضه من البنوك في حدود ٥٠ ألف فرنك بدون فوائد وسماح ثلاث سنوات مع تولي الوزارة تدريب هؤلاء الشباب طبقا لاحتياجات سوق العمل من دورات مهنية وتسويقية ، وتتكفل باشتراكهم بالمعارض الداخلية والخارجية ، وإنشاء مجمعات صناعية بكل محافظة حسب ما تتميز به من صناعات وحرف، فكانت النتيجة تحقيق مليون ونصف فرصة عمل في ١٨ شهرأ، وتعالوا ننظر لدولة بنجلاديش وتجربة محمد يونس في المشروعات متناهية الصغر القائل " لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصطادها " بتقديم قروض بسيطة لأبناء الطبقة الفقيرة وللمرأة لبدء مشروعات إنتاجية وتجارية صغيرة فكل خمس سيدات يقاموا بمشروع واحد من زرعوا أشجار التوت ومن ربي دودة القز ومن اشتروا أنوالا لنسج الحرير الطبيعي ومن صنعوا السجاد اليدوي أو تربية الطيور أو إنتاج العسل وزراعة الزهور والأعشاب الطبية والنباتات العطرية ، وانتشرت زراعات البامبو لصناعة الأثاث وتصديره ، لتتحول كل القري لخلية عمل وتحولت الدولة من أفقر الدول الي أكثرها تجارة وعملا ، أو مهاتير محمد بماليزيا الذي أمر بدخول مليون راغب للعمل معسكرات الجيش لمدة ٦ شهور يتعلموا ثلاث أشياء الانضباط وحرفة أو مهنة واللغة الإنجليزية ، فيتخرج في هذه المدة مليون عامل مؤهل منضبط لديه حرفة مؤهل للتعامل مع الأسواق العالمية،
ولهذا وجب المطالبة بإن تكون هناك وزارة للمشروعات الصغيرة بدلاً من إقتراح إنشاء هيئة لتشغيل الشباب والإنتاج نظرا لتجربتا الفاشلة في الصندوق الاجتماعي للتنمية منذ إنشائه عام ١٩٩١ ولم يقدم شيئا يذكر لمساعدة أصحاب هذه المشروعات التي ينقصهم التمويل فقط ، وإختيار وزير بدلا من رئيس هيئة أو صندوق لما يملكه من قوة تنفيذية ذو رؤية وإمكانيات متاحة وأفكار في ريادة الأعمال والابتكار ، خاصة مع تأكيد الدولة علي أهمية هذه المشروعات كأداة للتنمية الشاملة وخلق بيئة استثمارية وتشغيل الشباب بما يتناسب مع قدراتهم الإبداعية والمهارية بجميع ربوع المحافظات وخاصة الصعيد ، مع تأكيد الحكومة علي لا تعيينات بالجهاز الإداري للدولة المكدس بلا إنتاجية ، وعندنا من المميزات والإمكانيات بكل إقليم سواء في صناعة أو حرفة أو تجارة أو تراثية أو سياحية وغيرها ، ولدينا أسباب النجاح بس ينقصنا حسن الإختيار وحسم التنفيذ والإيمان بالقدوة .. فعيب علينا أن نكون ٩٠ مليون نسمة ونستورد كل شئ أو مليارات الجنيهات بالبنوك بلا فائدة ، والأهم قدوتنا الرسول محمد يقول " مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ " صدق صلي الله عليه وسلم .