الآن.. لم يعد أمامها سوي الانسحاب فورا.. والتواري خجلا.. والاختفاء حرجا.. فقد انكشف الحجم. وانفضح الوزن. وانعدم التأثير.. وتلاشت الجماهيرية المزعومة لأكثر من مائة حزب.. أظهرت عجزها الوطني.. وأشهرت إفلاسها السياسي.. وفشل أي منها في الحصول حتي ولو علي مقعد واحد خلال المرحلة الأولي لانتخابات البرلمان..!
من زمان.. والجميع يدرك أن معظم الأحزاب.. مجرد ¢حجرة ولافتة¢.. وتنحسر في رئيس ونائب وهيئة من عدة أفراد.. دون أن يكون لديها قاعدة تستند عليها. أو تملك برنامجا طموحا يؤكد جديتها.. ويضع لها بصمة في الممارسة الحزبية..!
بعد ثورة يناير.. ازداد الحال سوءا.. حيث انفتح الباب علي مصراعيه أمام ¢السيولة الحزبية¢.. ليصل العدد في خلال عدة أشهر إلي 109 أحزاب.. تشابهت جميعها في الأسماء.. والمواصفات.. والصراعات.. وإن اختلفت النية والغاية..!
بحثا عن ¢الشو الإعلامي¢.. انطلق قادة هذه الأحزاب.. يفتون بلا دراية.. يدلون دون إلمام ودراسة.. ينتقدون من غير فهم وموضوعية.. كل همهم التشويش. والتشويه.. وإحداث الصخب والإزعاج.. مستغلين الانحدار الذي أصاب الساحة الإعلامية.. وتسابق القنوات للإثارة والتهييج.. وبلبلة الرأي العام..!
دون برنامج.. يتضمن خططها. ويحدد أهدافها.. استمرت هذه الأحزاب علي المنوال.. عاجزة عن ترتيب القضايا الملحة التي تزعم المساهمة في وضع حلول جذرية لها.. وانشغلت عن الأداء والعمل.. وتفرغ قادتها للصراعات من أجل المناصب الرئيسية في سبيل المآرب الشخصية ضاربين بالقواعد والأصول عرض الحائط..!
الغريب.. أن الأحزاب الورقية والوهمية.. بهتت بصراعاتها وضعفها.. علي أحزاب عتيدة.. لها باع طويل في الممارسة.. وتملك تاريخا مشرفا.. ولديها جماهيرية كبيرة.. إلا انها تراجعت في الأونة الأخيرة وفقدت الكثير من بريقها وأسمها وتأثيرها في الشارع السياسي..!
لقد سقطت ¢ورقة التوت¢ عن تلك الأحزاب الفاشلة.. وظهرت ¢القرية الكبري¢ التي حاولت فرضها وإشاعتها.. وقد آن لها أن تنسحب بهدوء.. وتختفي عن الساحة إن كان لدي قادتها بقية من حمرة الخجل.. أما الذين لديهم الرغبة في تصحيح المسار ويريدون إعادة التجربة علي أصول متينة وقواعد صحيحة.. فليس أمامهم إلا الانضمام أو الاندماج مع ¢الأحزاب¢ الحقيقية... التي تمكنت من إثبات تواجدها.. وحققت نجاحا كبيرا.. وأكدت قدرتها علي التفاعل والتأثير.. ونالت الجماهيرية والتأييد الذي وكلها لتمثيل قطاع عريض من الشعب.
إن نتائج الجولة الأولي.. أظهرت مدي الحاجة إلي إعادة رسم الخريطة الحزبية.. التي ينبغي أن تشهد تغييرا جذريا يتناسب مع الواقع والظروف الراهنة.. ولابد من مراجعة قانون الأحزاب.. والبحث عن كيفية للتخلص تماما من هذا ¢التكدس¢ الذي يعوق الحركة الوطنية.. ويعرقل المسيرة الديمقراطية.. ويثير الفوضي والبلبلة.. وينشر الفرقة والانقسام.. ويزيد الاحتقان ويوسع الهوة بين أبناء الوطن الواحد..!