الجمهورية
احمد الشامى
"خلقنـــــــــــــــا لنعــتــــرض"
يبدو أن مقولة الفيلسوف والأديب الروسي مكسيم غوركي "28 مارس 1868 ــ 18 يونيو 1936". مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التي تجسد النظرة الماركسية للأدب. "خُلقنا لنعترض" أصبحت فلسفة كثير من المصريين خصوصاً من يطلقون علي أنفسهم النخبة أو "أفندية القنوات الفضائية" الذين باتوا ضيوفاً ثقلاً أو "ثقال" علي مشاهديهم كل ليلة. فهؤلاء لا يعجبهم شيء في الدولة. فلا أحد منهم ينتقد من أجل الصالح العام ويقدم الحلول لتصحيح الأخطاء. بل إنهم يتسابقون لإظهار العيوب وإخفاء الإيجابيات. وهو ما يحدث منذ انطلاق سباق البرلمان فقد راحوا يعددون مساويء قانون الانتخابات والأشخاص الذين يخوضونها فهم إما "فلول" أو أبناء فلول أو أصحاب مصالح أو إرهابيين. فضلاً عن تضخيم المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون وزعمهم أن مجلس النواب الجدد سيكون دون صلاحيات وتالياً لا فائدة من وجود كل هذه الترهات التي روجتها القنوات الفضائية غير المسئولة أدت إلي اقتناع عدد كبير من الناخبين بهذه الأفكار وتالياً لم يكن الاقبال في المرحلة الأولي علي المستوي المأمول. وعندما تسأل أي ناخب عن سبب عدم مشاركته يسوق حجج وبراهين "الأفندية" ولسان حاله يقول: " خلقنا لنعترض" وإذا حاولت أن تفهمه أن الاعتراض يكون في الصناديق عبر اختيار الأصلح من وجهة نظره. يبادر "لا.. نعترض وإحنا قاعدين في البيت علي الكنبة". وبعد إعلان نتائج المرحلة الأولي لم تتوقف شماتة "الأفندية" إذ حرصوا علي التأكيد أن المستقبل غامض وغير واضح المعالم. وأن مجلس النواب القادم سيكون خالياً من المعارضة ولم يكتفوا بذلك بل وصلوا في غيهم إلي أن بعض المشروعات القومية التي تنتوي الدولة البدء فيها ومنها مشروع المليون ونصف المليون فدان والعاصمة الإدارية الجديدة لا جدوي منها.
ونسي هؤلاء أن الإيجابيات كانت أكثر من السلبيات في الانتخابات والأدلة. إذ فازت 5 نساء و4 أقباط و12 شاباً تقل أعمارهم عن 35 عاماً. لأول مرة في تاريخ لانتخابات النيابية وأصبحوا أعضاء في البرلمان من دون كوتة أو تعيين واكتسح حزبان جديدان هما "المصريين الأحرار" و"مستقبل وطن" وكذلك أحزاب أخري كثيرة ولدت من رحم ثورتي يناير ويونيه أكثرية المقاعد. ورغم الهجوم الذي تعرض له "النور" حصل علي 10 كراسي فضلاً عن حرص المرأة والشيوخ علي التصويت فكانت رسالة تؤكد أنهم أكثر وعياً من الشباب الذدين جلسوا علي المقاهي يلعبون الطاولة والدومينو وينفثون دخان الشيشة. ورغم تأكيدنا أن الرأي الآخر ظاهرة صحية تؤدي إلي تصحيح مسار الدول الديمقراطية. لكن ما يحدث ليس معارضة من هذا النوع بل محاولة لتثبيط العزيمة من جانب هؤلاء "الأفندية" الذين ضلوا الطريق لأن الظروف التي يمر بها وطننا تؤكد أن شبابنا يحتاج إلي التشجيع لا حثه علي التراخي والجلوس في البيوت والمقاهي ليعترض..وأقول لكم إن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان يتكلم من القلب عندما تحدث إلي الشعب قبل الانتخابات ليحثه علي التصويت في الاقتراع. ولم يكن ذلك من قبيل "الشو الإعلامي" لأنه بحكم موقعه وخبرته يري ما لا نراه في المستقبل. فقد وعد وأوفي وظهرت الكثير من النقاط المضيئة التي تحسب للدولة لأول مرة في تاريخ الانتخابات في مقدمتها عدم تزوير صوت واحد. أو وقوع مخالفة داخل اللجان التي يقدر عددها بالآلاف. والأهم من ذلك إعطاء الفرصة للأحزاب كافة الجديدة والقديمة والمستقلين لخوض الانتخابات دون دعم لقائمة أو شخص علي حساب آخر. وتالياً حصول الجميع علي الفرصة للاندماج في حزبين أو ثلاثة علي الأكثر بعد تبلور أفكارها وهو ما سيخلق أحزاباً قوية وديمقراطية حقيقية خلال السنوات القمبلة. ولذا يجب ألا يستمر الناخبون في العناد والعزوف في المرحلة الثانية بزعم الانشغال بـ "لقمة العيش" أو القول "خلقنا لنعترض" لأن البرلمان المقبل هو من سيشرع القوانين التي تنظم حصول المواطنين علي "أرزاقهم" ولذا من يتخلف عن أداء واجبه الوطني سيعض أصابع الندم بعد فوات الأوان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف