ريهام مازن
ريهام سعيد وفتاة المول !!!
لا أملك في بداية المقال سوى قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله".. فهل وصل بنا الحال إلى هذه التفاهة والمسخّرة؟ هل وصل بإعلامنا الحال أن تكون مذيعة هي محور الرأي العام في الفضائيات؟ هل وصلنا من الفراغ إلى هذا الحد؟ بداية من هي هذه المذيعة التي أصبحت محور حديث مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التوك الشو.. فهل كل هذه البرامج لا تجد في الدولة أي من الأمور التي تستحق الجدال والنقاش حولها!
في هذا المقال، لست بصدد الحديث عن هذه المذيعة، لا من قريب أو من بعيد.. كما أنني لست بصدد الحديث أيضا عن قضية فتاة المول، التي تعرضت للضرب على يد متحرش بها.. لكنني هنا للوقوف على المهزلة التي وصل إليها حالنا وحال إعلامنا الذي أصبح عليه العوض ومنه العوض.
فهل جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية، وجهوده الحثيثة لفتح آفاق جديدة للتنمية، وسعيه الدءوب لخروج مصر من أزمتها الاقتصادية الراهنة، أليست تستحق ومن باب أولى أن يتم النقاش حولها وحول الموضوعات والمشروعات التي يسافر الرئيس من أجلها ومن أجل تحريك المياه الراكدة للأوضاع الاقتصادية في البلاد؟ لكن مع الأسف، تختزل في مجرد تقرير يُعرض ضمن نشرات الأخبار.
ألا تستحق انتخابات البرلمان كل الحضور في الإعلام والنقاش مع النواب الذين من المفترض أن يعتلوا مقاعد البرلمان، أليس من باب أولى أن يتم التركيز على تعريف المشاهدين والمواطنين بالمرشحين، ليحسنوا الاختيار؟
ما كل هذا الإلهاء الإعلامي للشعب، لقطات، تدوينات، تغريدات، أخبار عاجلة، تقارير بالصوت والصورة، تحقيقات، فيتشرات، اتهامات، انتقادات.. والتغطية على قضايا مهمة مثل (سد النهضة، وغرق المحليات في الفساد، وحيتان البلد الذين يعيثون في أموال المصريين فسادا وما كل هذا التفاوت الطبقي الرهيب الذي أصبح موجودا في المجتمع... الخ).. ألا تحتاج كل هذه القضايا الوقوف عليها من جانب الإعلام؟
ما هذا الذي نحن فيه؟ ما كل هذا التغييب الذي نعيش فيه؟ وما هي السياسة التي ينتهجها الإعلام (إذا كان لديه أي سياسة أصلا) في التشويش وإلهاء المواطنين؟ تساؤلات كثيرة ولا هناك من يجيب عنها.
أما أنه لا تجد موضوعات تعلو فوق أزمة ريهام سعيد و(فتاة المول) فهذا تهريج.. فإذا كان بطل القضية ( رفعت الجمال الشهير برأفت الهجان) لما تحمس له الإعلام بهذه الصورة!
أما لكل من يعتقد أن المذيعة المناضلة ريهام سعيد دفعت ثمن شجاعتها ومواقفها البطولية "المشرفة"، لوقوفها بجانب البسطاء والفقراء ضد الحكومة.. فكل حر فيما يظن ويعتقد حتى يظهر الله الحق!
مما لا شك فيه أن كل التحليلات السابقة ستجد مَنْ يصدقها، ويتبناها، ويروج لها، خاصة أن وسائل الإعلام بأنواعها هي من قادتنا إلى هذه المنطقة، بتركيزها على القضايا التافهة، والاستغراق في الفرعيات على حساب القضايا المصيرية التي ترسم مستقبل الوطن، وتُحدّد مصيرَهُ.
من كل قلبي: مع الأسف، إعلام هذه الأيام، فشل في وظيفته الأساسية، فحوّل كثير من الصحفيين والإعلاميين، من مهمة التثقيف والمراقبة والمحاسبة وطرح وإيجاد الحلول، إلى تسطيح الوعي المجتمعي، وبث الأفكار المسمومة، والاهتمام بالتوافه!
أعتقد أننا في أمّس الحاجة، بالأمس عن اليوم، إلى شخص يضبط المنظومة الإعلامية التائهة ويعيد هيكلة البرامج التي تسفه من قيمة المواطن وتذهب عقله!
والآن، بعد استقالة ريهام سعيد، ألم يحن الوقت لأن يصطف معها الكثير من الإعلاميين الذين شوّهوا صورة الإعلام؟ ارحمونا بقى.. يرحمكم ربنا!