كثير من البنية الأساسية لمصر قدمت بل تهالكت رغم أنها كانت الهدف الأساسى لمبارك، وتم إنفاق الكثير عليها فقد أصبحت لا تصلح للاستمرار وستشكل عقبة كأداء أمام المواطن المصرى، ما حدث فى الإسكندرية كاشف لهذا التهالك لقنوات تصريف المياه التى لا تعمل بالكفاءة المطلوبة، بالإضافة إلى الإهمال الجسيم فى الصيانة.
البنية الأساسية هى المياه والصرف الصحى والكهرباء والمدارس والمستشفيات، وهى المسئولة عن تقديم الخدمة الأساسية للمواطنين المصريين، رأينا مستشفى القلب بإمبابة كيف كان حاله، أسوأ ما يمكن، عندما قرر المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، تجديده، هذا نموذج لأغلب المستشفيات الحكومية التى تعد الأساس للمواطن المصرى فى الأحياء الشعبية والقرى والنجوع لتلقى الخدمة الصحية.
المدارس أيضاً ليست أحسن حالاً، فغياب الصيانة بلغ حداً للمدارس أنها أصبحت آيلة للسقوط أو فى حاجة إلى تنكيس أو إعادة بناء، فضلاً عن أنها لم تعد كافية لتقديم خدمة تعليمية حقيقية، كثافة الفصول مرعبة وصلت لحد ٩٠ ومائة تلميذ فى الفصل الواحد لدرجة أن المدارس الثانوى العام اعتمدت على عدم ذهاب طلاب المرحلة الثانوية إلى المدرسة لتستغل الفصول لطلاب المرحلتين الأولى والثانية.
المكاتب الحكومية والمحليات والمحاكم كلها تهالكت وأصبح الموظف يعمل فى ظروف غير إنسانية لا يمكن أن نتوقع أداء الخدمة للمواطنين بجودة من أى نوع فى ظل هذه الحالة غير الإنسانية التى يعمل فيها الموظف، المحاكم أيضاً كارثية سواء للمتقاضين أو المحامين أو القضاة، كل الأطراف تعانى أشد المعاناة من المبانى التى تهالكت وافتقدت للصيانة الدورية والخدمات، المصاعد قديمة ودائمة التعطل، والطرقات مزدحمة بالملفات والأوراق والدواليب تشعر بالاختناق، وبالطبع المبنى الذى كان معداً لخدمة ألف مواطن أصبح يخدم أكثر من مائة ألف مواطن ولك أن تتخيل الاختناق والضيق الذى يلف المكان ويجعله غير صالح لتقديم أى خدمة أو تحديث الخدمة أصلاً.
السكك الحديد والمحطات، باستثناء محطة مصر التى تم تحديثها أخيراً، فى كل المحافظات فى أسوأ حالة، منذ سنوات لم تمتد إليها يد الصيانة والتطوير رغم أهمية النقل الجماعى فى دولة مثل مصر لديها زيادة سكانية كبيرة والنقل الجماعى هو الأساس أمام ضيق الطرق وزيادة السيارات الخاصة التى خنقت المرور. أيضا سوء حالة الطرق والحاجة إلى شق طرق جديدة تستوعب الزيادة الفائقة للسيارات النقل والخاصة، لا سيما أن أى نهضة صناعية أو زراعية تقوم بالأساس على النقل ولدينا مشكلتان هما عدم صلاحية الطرق القديمة وزيادة التكلفة لشق طرق جديدة.
مصر فى الحقيقة أمام تحدٍ كبير وقضيتها الأولى والأساسية هى تحديث مصر وتحديث بنيتها الأساسية وحق للمواطن أن يعيش فى دولة يتلقى خدمة تحترم كرامته الإنسانية، فضلاً عن أن هذه الخدمات هى مفتاح التقدم، فبدون خدمة تعليمية تعمل على تطوير العقل والإنسان كيف يكون قادراً على العطاء، وأن نلاحق العصر والحداثة بالإنسان الذى هو هدف التنمية وأساسها، وهذا هو المفهوم الحديث للتنمية المستدامة، لكى ننجح فى قضية المستقبل لا بد من ثورة لتطوير البنية الأساسية والتحتية والاهتمام بقضيتى الصحة والتعليم، كل هذا فى حاجة إلى موازنات ضخمة لكن يجب أن يكون لدينا مشروع كامل لتحديث البنية التحتية وأن نأخذ بوسائل غير عادية للتمويل لهذا المشروع قد يكون بأنظمة تمويل غير تقليدية أو نموذج قناة السويس المهم أن يكون على أولوية الحكومة التحديث أولاً وثانياً وثالثاً.