الجمهورية
د. أحمد جاد منصور
وقفــــة مع النـــــــــفس
خلال الندوة التثقيفية التي نظمتها القوات المسلحة بمسرح الجلاء في الأسبوع الماضي.. تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي الشعب في العديد من الأمور الدولية والإقليمية والوطنية. لتوضيح الحقائق للشعب والرد علي الشائعات. وعرض ما تم إنجازه.. وكذا التحديات التي تواجهها البلاد سواء من الخارج. أو الداخل. ومدي خطورتها وجسامتها.
وبدأ السيد الرئيس كلمته بأنه عرض جميع التحديات منذ اللحظة الأولي علي الشعب بكل المصداقية والشفافية.. وأنه لا يقبل أبداً خداع المواطنين بأي أقوال أو وعود زائفة.. وأنه لا يخشي التحديات والمؤامرات. ولكن الشيء الوحيد الذي يسبب له القلق هو صوت شروخ أو تفتت في وحدة الشعب المصري.. لأن تماسك الشعب هو الضمان الأكيد للنجاح. والتنمية والتقدم. والتغلب علي كل الصعاب.
ووجه الرئيس سؤالاً مهماً ومباشراً: هل مصر كانت مؤهلة للاستثمار؟!.. والإجابة بالتأكيد.. بالنفي.. ولهذا كان من الحتمي الاهتمام بالمرافق والخدمات الرئيسية. التي يمكن من خلالها البدء في عملية التنمية وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية. لأنه لا يمكن البدء في ذلك في ظل عدم كفاية الطاقة والكهرباء. والحالة المتردية للطرق والسكة الحديد. وعدم كفاية الغاز.. وغير ذلك من الأمور.
وحينما استعرض الرئيس مئات المليارات المطلوبة لإصلاح البنية الأساسية للبلاد. ظهر السؤال المهم: من أين يتم تدبير هذه المبالغ. ونحن نعاني عجزاً شديداً في الموازنة بسبب القروض. وفوائدها التي تثقل كاهل الموازنة. إضافة إلي ما يتم تخصيصه للدعم والأجور. الأمر الذي يؤثر بالسلب تأثيراً سلبياً علي حجم ما يتم تخصيصه من مبالغ للتنمية. وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين في المجالات الصحية والتعليمية والمعيشية المختلفة.
وهنا دعونا نتساءل جميعاً: هل نظل نعتمد علي القروض والمساعدات؟!.. هل سنظل نسدد فواتير هذه الديون والقروض التي تأكل جزءاً كبيراً من الموازنة؟!.. هل سنبقي راضين بهذه الأوضاع المهينة؟!.. هل نرضي بأن نظل مجتمعاً استهلاكياً غير منتج.. أعتقد أنه آن الأوان أن نراجع أنفسنا جيداً. وأن نغير من ثقافتنا. وأن نبدأ في كثافة الإنتاج والعرق. لأنه لن يبني بلادنا إلا أبناؤها بسواعدهم وعقولهم.
وفي رده علي ارتفاع الأسعار أكد الرئيس السيسي أن الدولة تدخلت بالفعل في هذا الأمر. وأنه سيتم تخفيض الأسعار بشكل مناسب خلال هذا الشهر. وأن المواطن سيشعر بذلك. خاصة بالنسبة للسلع الأساسية. التي يحتاجها المواطن البسيط.. وأشار إلي أن القوات المسلحة سوف تقوم بتوفير المواد الغذائية لسد النقص الذي يعاني منه المواطنون. مما سيؤدي إلي توفيرها وتخفيض الأسعار.
ومع تقديري الكامل واحترامي الشديد لقواتنا المسلحة الباسلة التي تعد فخراً لكل مواطن مصري. فهي فعلاً يدى تبني. ويدىى تدافع عن البلاد.. ولكن هل سنظل نعتمد عليها في كل شيء؟!.. هل هذا هو الدور الرئيسي للقوات المسلحة؟!.. أم هو دور وزارات الدولة المختلفة؟!!
والأمر الغريب الذي يدهشني بشدة هو أن الأسعار في الكثير من الدول بدأت في الانخفاض. إلا في مصر. مازالت عالية. وتتزايد.. الأمر الذي يدعونا إلي ضرورة البحث عن الأسباب وتدارسها. والتغلب عليها.. وضرورة مراقبة الأسواق ومواجهة جشع بعض التجار بمنتهي الحزم من خلال التطبيق الحاسم للقانون عليهم.
وفي إشارة واضحة إلي التحدي الكبير المتمثل في الزيادة السكانية. والتي تقدر بـ 2.5 مليون نسمة كل عام. وما يسببه ذلك من التزامات علي الدولة في كل مجالات: التعليم. والرعاية. والسكن. والعلاج.. ويتطلب أيضاً أن يكون معدل النمو لا يقل عن 8%.. فهذا جرس إنذار شديد الخطورة. لأنه سيزيد من تعقيد الأمور وصعوبة حل المشكلات التي تعاني منها البلاد.. الأمر الذي يتطلب منا جميعاً تنظيم الزيادة السكانية ولو بصفة مؤقتة. يتم تحديد مدتها لحين خروج الدولة من عنق الزجاجة.. ونذكر هنا تجربة الصين في هذا الشأن التي حسمت الأمر. بأن كل أسرة يكون لها ابن أو بنت واحدة. فقط. وفي حالة الزيادة. فإن الدولة لن تقدم الابن الثاني. ولن يستفيد بذات المميزات التي يستفيد منها الابن الأول.. والتزم الشعب الصيني بذلك عن وعي شديد.. وبعد أن تغلبت الصين علي مشكلاتها وبدأت مرحلة التنمية وأصبحت الآن عملاقاً اقتصادياً.. أصدرت منذ عدة أيام قراراً بالسماح بالابن الثاني لكل أسرة.
كما أشار السيد الرئيس إلي أن الجهاز الإداري للدولة يحتاج إلي الكثير من التطوير والتحديث. خاصة بعد أن تأثرنا تأثيراً سلبياً شديداً في ضوء الأحداث التي ألمت بالبلاد منذ يناير ..2011 وهذا أمر بالغ الأهمية لأنه فضلاً عن تكدس الجهاز الإداري بالدولة. إلا أنه يحتاج أيضاً إلي التحديث والتطوير. وتيسير إجراءات تقديم الخدمات للمواطنين.. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال اقتناع الموظفين أنفسهم بضرورة تطوير كفاءاتهم وقدراتهم. كل في مجال تخصصه. بما يحقق التنمية والتنافسية في المجال الاقتصادي ويكفل تقديم الخدمات للمواطنين علي أعلي مستوي من الكفاءة. وبأبسط الإجراءات. وفي أقل فترة زمنية ممكنة. مما يحقق الرخاء المنشود للمواطنين عن مستوي أداء الخدمات.
وتضمن خطاب الرئيس السياسي عتاباً شديد اللهجة لبعض الإعلاميين الذين يلجأون إلي عدم تقديم الحقائق.. وعدم الالتزام بالموضوعية والمهنية. فيما يقدمونه من برامج.. تؤدي إلي إحداث حالة من البلبلة بين المواطنين. وتؤثر علي الروح المعنوية لهم.. الأمر الذي يؤدي بالتأكيد إلي الإخلال بالأمن القومي للبلاد.
عزيزي القارئ.. علينا جميعاً أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا. نراجع تصرفاتنا وأفعالنا جيداً حتي نصلح من أنفسنا في أسرع وقت ممكن. لأنه لم يعد لدينا رفاهية تضييع الوقت في ظل كل هذه المشكلات التي نعيشها. وفي ظل كل التحديات التي تحيق بنا من كل جانب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف