الأهرام
فاروق جويدة
تغير كل ما فينا
أشعر بحزن شديد كلما رأيت تلال القمامة تسد الطريق في الافق كأنها خطايا البشر..لم تكن مصر في يوم من الايام بهذه الصورة الكريهة..امام العمارات الضخمة والابواب المزركشة والفيلات الانيقة وناطحات السحاب الفخمة تتعجب وانت تشاهد القمامة.
وهى تحجب كل شىء وتتساءل كيف ينفق الناس الملايين في شراء الطعام ولا يدفعون قرشا من اجل نظافة بيوتهم..ومن اكثر جوانب الخلل ان تدخل بيتا وتجد فيه كل انواع السيراميك في الحمامات والسجاد والباركيه والتحف الثمينة واذا خرجت إلى الشارع وقبل ان تخطو خطوة واحدة تغرق اقدامك في تلال القمامة..وفى تقديرى ان النظافة لا تنقسم وأن الانسان النظيف نظيف في كل شىء وأن القذارة سلوك عام ومنهج حياة.. إن الانسان البخيل بخيل في كل شىء حتى في عواطفه..والانسان الحاقد يحقد على كل شئ حتى على نفسه ويكرهها..وانا اتعجب كثيرا من اهمال المصريين لأشياء صغيرة مثل النظافة حتى وجوه الناس لم تعد كما كانت..كانت المرأة في الريف رغم بساطتها بعد ان تنتهى معركتها مع الحياة في الحقل وبعد ان تنام الابقار والحيوانات في هدوء ترى البيت نظيفا وتراها ترتدى ثيابها البسيطة وكأنها في ليلة عرس..ومع نظافة البيوت والشوارع كانت نظافة السلوك والاخلاق كان من الصعب ان تجد شابا يجلس في الاتوبيس وتقف بجانبه سيدة أو فتاة أو رجل عجوز وكان من الصعب ان تجد شابا يعاكس فتاة دون أن يأخذ حقه من التوبيخ بل والضرب احيانا..وكان من المستحيل ان تجد مسئولا يتلقى رشوة أو يسرق مالا حراما لأنه يخاف الله ويخشى ان يدفع ابناؤه ثمن الحرام ولو بعد حين « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا» هكذا كانت احوال المصريين النظافة في الشوارع والبيوت والترفع في السلوك والاخلاق والعطاء والوفاء والصدق والشهامة والبعد عن الحرام..ولهذا اتعجب كثيرا من احوالنا، إننا بعد ثورتين وخلع رئيسين وخروج الملايين من البشر لم نستطع حتى الآن التخلص من اكوام القمامة التى تحاصرنا في كل مكان مطلوب ثورة ثالثة على القمامة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف