المساء
مؤمن الهباء
كأن الزمان استدار
لا حول ولا قوة إلا بالله..
كأن الزمان استدار.. وعادت بنا عجلة الحياة إلي ما كانت عليه.. وعدنا نسمع ونقرأ عن شحنات المبيدات الإسرائيلية المحظورة التي يجري تهريبها إلي مصر.. وكأن ثورة الضمير التي استيقظت فجأة عادت إلي النوم العميق مرة أخري.
ضبطت الأجهزة الرقابية التابعة لوزارة الزراعة وشرطة المسطحات والبيئة شحنة مبيدات إسرائيلية محظورة في أحد المخازن بمدينة ديرب نجم بمحافظة الشرقية قبل تسريبها للبيع في المحافظات.. وطبقاً لما نشرته الصحف فإن هذه الشحنة التي تزن 1500 لتر من مبيد "ريدوميل" الإسرائيلي المحظور هي الأكبر في تاريخ الضبطيات التي تم الكشف عنها خلال السنوات الماضية.. وقد تم تهريب هذا المبيد من إسرائيل مباشرة وهو غير مصرح بتداوله في مصر.. وهو من أنواع المبيدات الفطرية المستخدمة في مكافحة مرض "البياض الزغبي" الذي يصيب العنب إلي جانب علاج الأفات التي تصيب المحاصيل البستانية مثل الكانتلوب والخيار والطماطم والبطاطس.
لم تذكر الصحف الجهة التي قامت بتهريب هذا المبيد المحظور ولا الجهة التي تمتلك المخازن التي وجدت بداخلها في ديرب نجم.. كما لم تذكر شيئاً عن السبب الذي من أجله تم حظر المبيد في مصر.. هل هو - مثلا - مبيد مسرطن؟! هل هو مبيد ملوث وخطر علي حياة الإنسان؟!
المعلومات منقوصة.. لكن ما هو متاح منها كفيل بأن يثير الرعب بين المواطنين ويثير الشك فيما يأكلون.. نهيك عن الايحاء بأن أيام المبيدات المسرطنة عادت من جديد.. ويكفي أن تكون هذه المبيدات مهربة من إسرائيل لكن تثير الغضب والخوف في آن واحد.. وقد كان واجباً أن يعلن فوراً عن اسم الجهة التي قامت بالتهريب.. أو الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة.. ويحال فوراً إلي محاكمة عاجلة.. حتي يتأكد الناس من أنه حصل علي العقاب الذي يستحقه.. وأن الحسم قاطع وسريع في الجرائم التي تستهدف حياة الإنسان المصري.. وكل من يقدم علي مثل هذه الجريمة لن يكون هناك تسامح أو تهاون معه.. لأن هدفه واضح جداً وهو تحقيق أكبر قدر من الثراء علي حساب الأرواح البريئة.. فمثله مثل الإرهابي تماماً.
وقد جاءت هذه الجريمة لتذكرنا للمرة المليون بأن إسرائيل كانت وستظل هي العدو الأول والحقيقي لنا.. وهي مصدر كل الشرور.. صحيح أننا نعاني من موجة إرهاب عاتية لكنها مؤقتة وستنتهي إن عاجلا أو آجلا بفضل رجال قواتنا المسلحة.. لكن إسرائيل ستظل هي الجار الذي لا يؤمن جانبه أبداً.. لذلك يجب اتخاذ كافة الاحتياطات لضمان عدم تهريب هذه السموم إلينا.. ويكفينا ما أصابنا من أمراض الفشل الكلوي والفيروسات الكبدية والسرطان بسبب المبيدات المسرطنة والتقاوي المسرطنة التي جاءت من إسرائيل علي مدي سنوات طويلة مضت.. استوردوها أو هربوها بزعم تحسين زراعتنا وهي في الواقع دمرت زراعاتنا ولوثت طعامنا وشرابنا ودمرت صحة شعبنا.
إن المرء ليحزن عندما يري عجلة الحياة تعود إلي الوراء.. وأننا نكرر نفس الأخطاء والجرائم التي عشناها من قبل وأدركنا خطورتها.. ليست القضية مجرد مبيدات محظورة ومهربة.. وإنما مناخ كامل يعود بما فيه من تناقضات وتجاوزات وفوضي إعلامية وتسطيح سياسي.. وحتي أولئك الذين كانوا يهاجمون المنافقين القدامي صاروا هم أشد نفاقاً من سابقيهم وأعتي.
لا حول ولا قوة إلا بالله.. كأن الزمان استدار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف