المساء
خيرية البشلاوى
الوزير والمدير !!
انحاز وزير الثقافة حلمي النمنم إلي "سينما السبكي" بل وإلي أكثر ما في هذا التيار من عناصر التدني الفني والفكري والموضوعي!!
اختار الوزير لإدارة المركز "القومي" للسينما أحد أتباع هذا التيار من صناعة السينما المصرية رئيساً لمؤسسة يفترض أنها قومية تغذي الصناعة الوطنية برافد يثريها لا أن يجهز علي رسالتها هذا إن كان الوزير يتطلع بالفعل إلي رسالة للسينما. وأنا علي يقين أنه ضمن أفضل المثقفين في هذا الوطن ولكنه صار "موظفاً" هو نفسه.
اختار النمنم مخرج أفلام "بون سواريه" و"كتكوت" و"كذلك في الزمالك" الخ وكلها غنية كاشفة لنوعية الترفيه القادر هذا الرجل علي صنعه والمؤمن بجدواه. ولسنا في حاجة إلي التأكيد بأنها عينة خالية تماماً من قيم الجمال الفني. مروجة للإباحية والضحالة الفكرية والإسفاف اللفظي الخ والتشوهات المميزة لهذا اللون من الترفيه المرئي ما هي المقومات التي أقنعت الوزير المثقف بأحقية المخرج المختار لهذا المنصب!!
الاختيار يطمس أي أمل في تقدم أو إنتاج قومي لهذا المركز المثقل بأعداد موظفيه. المتعوس بكل من تعاقبوا علي إدارته.
وتصورت أن الوزير سيعدل المايل. ونسيت أن "رجال" عصر ما قبل الثورات لا يزالون يحتلون المشهد حتي وإن خرج بعضهم ولم يعد داخل الإطار الرسمي وتصورت أن الدائرة المحكومة بالشللية والوجوه التي شاخت مازالت حاضرة. ومنهم "ثوار" "!!" رفعوا لواء "الثورة" وأصبحوا متحدثين باسمها نيابة عن "المثقفين" كلهم ويتولون تمثيلهم بينما همم من نفس العينة وبضاعتهم في السوق مكشوفة.
"المدير" الذي اختير سبق أن فشل كمدير للرقابة وكشف عن انحياز وعمالة صريحة لهذا التيار في صناعة السينما فكيف نتوقع منه إضافة؟؟
متي نقلب الصفحة أم سنظل نجتر نفس الخيبة.
الوزير المثقف والجاد. علي ما يبدو فوجئ بتروس الآلة الجهنمية البيروقراطية فلم يستطع أن يوقفها. وإلا فما الذي يجبره علي هذا الاختيار غير الموفق.. أو لعله فوجئ "بشلة" "الأوصياء" و"الأمناء" الذين يمارسون ابتزازاً في هذا الميدان.
الرجل المختار للمنصب شاب نسبياً "49 سنة" وأكاديمي من حملة الدكتوراه. حصل عليها من معهد السينما "العتيد". ولكنه هو نفسه فنان مهزوم أمام السينما التجارية الاستهلاكية ولم يجد سوي "السبكية" داعماً لطموحه فانحاز إلي ما تمثله. ثم انحاز هو نفسه حين كان مسئولاً عن الرقابة ولا أدري كيف تم اختياره ايضا لهذا المنصب انحاز إلي "حلاوة روح" وأجاز الفيلم - المشكلة. فكيف يستطيع رفض فيلم لمنتج هو في نهاية الأمر ولي نعمته عندما فكر في النزول إلي ميدان الإخراج.
إننا ندوخ في داخل دائرة مفرغة تصنع ضجيجاً وصخباً ثم لا شيء آخر.
فمتي نخلص من عصور ما قبل "الثورات" بينما هذه الثورات نفسها أبقت علي نفس "الوجوه" وقد نقل عن الوزير قوله بأنه يحتاجهم أكثر من حاجتهم له "!!" والله أعلم.
تصورت أن الميزان اتعدل في وزارة الثقافة حين تم تعيين حلمي النمنم الذي أحترمه وأثق في امكانياته كمثقف وكاتب. وتصورت للأسف أن الوزارة والثقافة الجادة ستجد مسئولاً قادراً علي عدم الانحياز إلا للجمال والتقدم والصدق الموضوعي والفني.. وتصورته أقوي من المعوقات البيروقراطية ومرضها الخبيث المنتشر في بدن كل المؤسسات دون استثناء.
فمتي نخلص من وجع الشللية ومن سيطرة السبكية علي مقدرات صناعة السينما الوطنية؟؟ ومن الضعة والتدني والجهل؟ ومتي يتوقف دوران الدائرة المفرغة والمفزعة وتتواري الوجوه التي انتهت مدة صلاحيتها؟؟ والتي أصبحت شديدة الفجاجة مثيرة للاكتئاب!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف