حادثة مقتل الطالبة الجامعية ندي أثارت رد فعل غاضب. الفتاة كانت تسير في الحرم الجامعي. فمن غير المتصور أن تدهسها تريلا محملة بمواد بناء. بالاضافة إلي أن الحكومة تقدم المثل السيئ في اتخاذ القرار. وموعد تنفيذه. ثم تعديل الموعد. وأخيراً إلغاء القرار بوعد أن يجري تعديل علي التريلا الملحقة بسيارة النقل. رغم أنها ـ كما أجمع خبراء الطرق ـ هي المتسبب الرئيسي بحمولاتها الثقيلة في هبوط الطرق.
مقتل الفتاة البريئة لم يحدث في طريق عام. ولا حين مشاركتها في تجمع يخترق الشوارع. وهو السبب الذي أدي إلي حادثة تالية أصاب فيها سائق ميكروباص مجموعة طلاب. حاول إزاحتهم عند تجمعهم أمام مدرستهم.
نحن نمنع مرور السيارات في شارع أو مجموعة شوارع. ليقتصر السير فيها علي المشاة. بحيث تغيب احتمالات الخطر. تسمية الحرم الجامعي لها دلالتها. فهي تعني الساحة المحيطة ببنايات الجامعة. قد تدخل السيارات ذات الصلة المباشرة بالدراسة. وفق قواعد تراعي أمن المواطنين. وبديهي أن ندي كانت علي يقين من هذا المعني وهي تشير ـ مع زميلات لها ـ إلي جانب الطريق.. لكن سائق العربة ذات المقطورة تصور نفسه في خلاء. فحرم فتاة في بداية حياتها من الحياة.
الإدانة يجب ألا تقتصر علي سائق السيارة وإدارة الجامعة التي قاسمت الخطأ إلي المجني عليها ـ قدمتها أولاً! ـ والجاني. إنها يجب أن تتجاوز السائق "المبرشم" والإدارة اللاهية. فتوجه إلي من أرجأ تنفيذ قرار إلغاء المقطورات. ثم ألغاه. القرار لم يصدر إلا بعد أن تعددت حوادث التريلات في طرق بلادنا. السجلات حافلة بعشرات الشهداء من المواطنين الذين صرعهم سائقون. هم ـ في الأغلب ـ مدمنو مخدرات.
حين يصدر قرار بإلغاء وسيلة مواصلات. فلأنها تسبب الضرر للمواطنين. والضرر ـ بالطبع ـ ليس نتيجة حادث وقتي. لكنه تكرر بما دفع المسئول إلي إصدار قرار منع تلك الوسيلة.
لماذا صدر قرار منع التريلات؟ ولماذا تأجل تنفيذه حتي اختفي القرار. وظل خطر التريلات قائماً في حياتنا؟ من الجهة التي أرجأت تنفيذ القرار. ثم ألغته؟
هذه هي الأسئلة التي يجب أن توجه إلي ذوي الشأن. وأن ترافقها إدانة وعقاب. فعندما يصدر قرار ما لصالح الناس. ثم يرجأ تنفيذه ـ بالضغط ـ حتي يتحول إلي كلمات بلا جدوي. فإن الاتهامات صريحة ضد الإهمال والتسيب والفوضي والاستهانة بأرواح المواطنين. بل وتصدير الموت لهم. ذلك كله ينبغي أن يخضع للمساءلة والعقاب لكل من تسبب بالفعل المباشر. أو بالتقاعس والإهمال في اغتيال من يدعي الانتساب إليهم بالمواطنة!