هل هذا وقت مناسب لفرض ضرائب جديدة؟!.. هل هذا وقت مناسب للحديث عن إضافة أعباء جديدة علي كاهل المواطن المطحون. الذي يئن أصلاً من ارتفاع الأسعار؟!.. وهل بقي أصلاً عند المواطن قدرة علي التحمل؟!!
الكلام الكثير الذي يثار حالياً حول ضريبة القيمة المضافة. يصيبنا بالإحباط. والتوتر. كمن ينتظر كارثة سوف تقع علي رأسه.. ولا يقلل من خوفنا وهلعنا تأجيل هذه الضريبة. لكي يناقشها مجلس النواب القادم.. فكلنا يعرف أن هذا المجلس سيكون الصوت الأعلي فيه لأصحاب المصالح والأثرياء. الذين أنفقوا علي حملاتهم الانتخابية الملايين. لكي يكون لهم تأثير مهم في توجيه السياسة العامة لصالحهم علي حساب الغالبية من محدودي الدخل.
وكنا قد سمعنا كلاماً كثيراً من قبل عن العدالة الاجتماعية وضرورة وصول ثمار التنمية للمواطن العادي. تحقيقاً لأهداف الثورة "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية".. لكننا ـ للأسف ـ لم نلمس شيئاً من ذلك.. بل علي العكس. ارتفعت أسعار الكهرباء أكثر من الضعف. وارتفعت أسعار مياه الشرب. والغاز والبنزين. واللحوم. وهبطت قيمة الجنيه 20%.. والمواطن هو الذي يدفع فاتورة هذه الزيادات كلها.. وبالتالي تدهورت أحواله الاقتصادية علي كل الأصعدة.
وفي المقابل كان الحظ دائماً إلي جانب الأغنياء وأصحاب المال والأعمال.. فمن أجلهم تم تخفيض الحد الأقصي للضريبة من 30% إلي 22.5%.. وألغت الدولة ضريبة أرباح البورصة. وضريبة الـ5% الاستثنائية علي الدخول الأكثر من مليون جنيه. وزادت قيمة دعم الصادرات. وفتحت باب تصدير الأرز رغم انخفاض الإنتاج. وعدم وجود فائض يكفي الاستهلاك.. وسمحت باستيراد الغزول والأقطان علي حساب القطن المصري. الذي لا يجد من يشتريه.
ماذا يفعل المواطن المصري "العادي" في ظل الظروف الطاحنة وهو يري الدائرة تضيق من حوله. وتضغط عليه. والأسعار تخنقه.. وكل الحلول المطروحة غير مجدية. ولا تعبر عن رغبة حقيقية في مساعدته وانتشاله من أزماته؟!.. لمن يشكو. وبمن يستغيث؟!!
وبدلاً من أن تتركه الحكومة يدير شئونه وسط معمعة الأسعار. وانخفاض الدخل. تفاجئه بما هو أدهي وأمر.. فتنصب له فخاً جديداً بالإعلان عن ضريبة القيمة المضافة. التي قال وزير المالية إنها ستوفر للدولة 30 مليار جنيه. تساهم في سد عجز الميزانية.
يا ناس حرام عليكم.. هل تفكرون فقط في الـ30 مليار جنيه. ولا تفكرون في المواطن الذي سيتحمل أعباء هذه الضريبة؟!!
كل الأطراف اتفقت ـ ودون مواربة ـ علي أن المواطن "المستهلك" هو الذي سيدفع هذه الضريبة في صورة زيادة فلكية في الأسعار.. هكذا قال الخبراء والمتخصصون والمستوردون. ورجال الصناعة والتجارة.. بل إن وزير المالية اعترف بأن التأثير علي الأسعار لن يتجاوز 3%.. وهو تخمين غير منضبط.. لأن الوزير لا يمتلك الأدوات التي يتحكم بها في نسبة التأثير بعد أن يطلق إشارة بدء تطبيق الضريبة.
عندما اتخذ مجلس الوزراء قراره المتسرع يوم الاثنين الماضي بإقرار ضريبة القيمة المضافة. تساءل الدكتور شريف قاسم. أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بجريدة "المساء": لماذا تخفف الحكومة الأعباء الضريبية علي الأغنياء ورجال الأعمال. فيما تزيد هذه الأعباء علي الفقراء؟!!
ونحن نشاركه السؤال انتظاراً لإجابة. نعرف أنها لن تأتي.