أطراف عدة تسأل هذا السؤال وتردّده سراً وعلناً وتجيب عنه وفق رؤيتها، لذا أطرحه علانية فى وقت لم يعد فيه شك بحقيقة ما نواجه فى الداخل قبل الخارج، على حدودنا وداخل مؤسساتنا، فى محيطنا الإقليمى والعالمى، علّنا فى النهاية نفهم أننا اليوم أمام قضية مفادها ببساطة: «مصر.. تكون أو لا تكون». فلم تعد القضية أن تعارض «السيسى» أو تؤيده، تحبه أو تبادله الكراهية، بل القضية مصر.
فهل فشل الرئيس؟ من وجهة نظر الغرب نعم فشل فى إرضائهم والتشاور معهم لتحقيق مصالحهم. فشل فى أخذ موافقتهم على ما يتخذ من قرارات ودعم خطواتهم -أياً كانت- على حساب أمتنا العربية. فشل فى التعاون معهم لإكمال مخططاتهم فى ليبيا التى تُضرب قواعد التكفيريين فى مدينتها سرت، بطائرات مجهولة، لمنع انتشار الميليشيات المسلحة شرقاً. فشل فى سوريا التى يدعم أمنها قبل نظامها ويدعم حقوق شعبها ومستقبلهم قبل رئيسها، ويعلم المصير المنتظر لها إن فرط فيها. فشل فى اليمن التى أرادوا سحبنا إليها برياً لتكرار مأساة الجيش المصرى فى جبالها وصحاريها وبين قبائلها. فشل الرئيس لأنه هدم اللعبة فى المنطقة حينما قرّر حماية بلاده أياً كان الثمن ودعم أمته العربية فى عز ضعفنا. فشل الرئيس لأنه أصر على مقاومة ضغوط التسليح الممارس ضدنا فمنح الجيش المصرى دعماً وتسليحاً لم يمر به من عهد محمد على. فشل الرئيس الذى لم يعبأ بضغوط عامل الاقتصاد عليه ليستجيب لمطالب الغرب المستعمر دوماً.
هل فشل الرئيس إقليمياً؟ من وجهة نظر القوى الإقليمية فى منطقتنا -السعودية وإيران وتركيا- نعم لأنه لم ينضم لفريق على حساب فريق، بل دافع -رغم المؤامرات- عن حق الجميع فى العيش بأمان، فلم يتطاول رغم التطاول، ولم يعادِ رغم الخيانة، فقط دافع عن حق بلاده فى العيش وأهلها بكرامة وأمان. فشل الرئيس لأنه اشترى مصريته وعروبته وأمنهما القومى دون حساب مصلحتنا الشخصية بمفردنا، فكان كالسائر على خيط رفيع بحمولة ثقيلة، عليه طوال الوقت، حفظ توازنه عليها. يدعم أمن الخليج والمملكة ويرفض التفريط فى سوريا التى يمولون ميليشيات الخيانة بها، فيؤيد السعودية، لكنه يوافق إيران فى ضرورة الحفاظ على سوريا، يطالب بحقوق ليبيا التى حولوها لدولة فاشلة منتهكة من تركيا وقطر بالسلاح والميليشيات. يحمى اليمن فى تحالف عسكرى عربى، لكنه يصر على ضرورة الحل السياسى. يواجه إرهاب حماس ومن يمولها عربياً وإقليمياً بالسلاح والمال، ويرفض حكم إعلانها كياناً إرهابياً لعدم تشويه المقاومة فى فلسطين، قضية العمر لمصر. فشل الرئيس إقليمياً، لأنه لم يلعب لمصالحه، ولم ينافق أصحاب المال فيسير على هواهم رغم حاجتنا.
هل فشل الرئيس فى الداخل؟ بالطبع فشل فى احتواء نخبة عاجزة عن الفعل، لا تملك سوى الكلمات فى زمن نحتاج فيه إلى الفعل والوعى والتعليم. فشل الرئيس فى إقناع إعلام أدمن السبوبة واحترفها منذ سنوات تجاوزت العشر، مدعياً الوطنية تارة والمعارضة تارة، وهو الذى تجاوز حد مهام المهنة إلى حد الاعتقاد بأنه قائد رأى يسب هذا ويلعن ذاك، فى عملية ممنهجة تمارس التغييب أو التجهيل أو الإسفاف ببراعة. فشل الرئيس حينما غامر باتخاذ قرارات غير شعبية بخفض الدعم على مواد الطاقة لصالح محدود الدخل الذى يتاجرون به فى بلادى، ليوفر لميزانية الوطن 44 مليار جنيه فى العام الأول. فشل الرئيس اقتصادياً حتى فقد إيمان الناس به فلم يجمعوا له 64 مليار جنيه فى أسبوع واحد ليُنفذ مشروعاً آمن بأنه لصالح البلاد. فشل الرئيس لأنه صعد بنمو الاقتصاد فى بلادى إلى 4.5% بعد أن كان 2% فى العام الماضى، رغم تراجع الإنتاج وضغوط منع الاستثمار. فشل الرئيس، فسدد استحقاقات شركات البترول الأجنبية وكانت بالمليارات. فشل الرئيس، فحل مشكلة الكهرباء بمبلغ 150 مليار جنيه رغم كل التحديات. فشل الرئيس، فتعاقد مع «سيمنس» لبناء أربع محطات كهرباء بثمانية مليارات يورو، بدلاً من 10 مليارات. فشل الرئيس، لأنه نفّذ 3500 كيلومتر من الطرق الجديدة، لتوفير احتياجات المستثمرين وفتح أبواب المحافظات للاستثمار. فشل الرئيس، لأنه وفّر الأمن لنا فى شوارعنا ومدننا وعلى حدودنا. فشل الرئيس، لأنه يسعى لتحسين أوضاع تجاوز عمرها 40 عاماً. فشل الرئيس، لأنه تحمّل اختيارات فاسدة لمسئولين لا يعلم أكثرهم معنى كلمة مسئولية، فرضى بهم ورضى بتحمل المسئولية عنهم.
لذا، ولكل ما سبق أدعم هذا الرئيس، وأرفض ضغوط غرب مستعمر، وأرفض خيانة دول إقليمية أدمنت حماية مصالحها وعروشها حتى على حساب شعوبها، ورؤى خادعة لنخبة لم تجد إلا الكلام، فغابت وقت الفعل، أدعمه الآن لتحيا مصر.