•• أرى أحيانا العجب العجاب، وكيف تبنى الآراء فى ساحات الرياضة على أساس قدر الخلاف وقدر الاتفاق وقدر الاشخاص.. فجمهور الأهلى الذى يسخر من هدم استاد حلمى زامورا، وهذا اسمه بالزمن، والظروف، لا يرى ولا يتذكر ولا يريد أن يتذكر أن ملعب التتش نفسه تعرض للهدم، وأن هناك احتمالا لهدم المدرج الباقى منه، فهل القضية هى إزالة مدرجات أم شخص صاحب القرار؟
وأعلم أن هناك قاعدة عريضة من جماهير وأعضاء الزمالك تشعر بالحزن وربما ترفض هدم ملعب زامورا.. لكن البديل سيكون استادا كبيرا للفرق فى 6 أكتوبر والأمر نفسه فى الأهلى. أما قصة المشاريع التجارية، فى جامعة الدول لعربية أو الجزيرة، فهو أمر يخضع للتخطيط العمرانى فى الدولة، فهل تتحمل القاهرة أو الجيزة مثل تلك المشروعات الآن؟
•• على أى حال عندما بدأ النادى الأهلى فى عملية هدم مدرجات استاد التتش فى مايو 1992، جلس الكابتن عبدالوهاب سليم يراقب الهدم والدموع فى عينيه، فقد كان يرى ذكرياته وتاريخه يهدم أمامه.. وكثيرون من الأجيال التى عاصرت الملعب، وجلست بمدرجاته، أصابها الشعور نفسه، لكن الذكريات تظل ذكريات، ولا تبنى المستقبل. وصحيح كان ملعب كرة القدم الرئيسى أول مشاريع الأهلى الكبيرة،
واكتمل بعد 50 سنة كاملة، وتطور فيها من حوش إلى استاد، وكان الاستاد الرئيسى فى القاهرة وعبود باشا رئيس الأهلى هو صاحب الفضل الأول فى بناء الاستاد وظل النادى يسدد كمبيالات شهرية قيمة كل منها 150 جنيها من عام 1948 حتى 1960 .
•• ملعب ويمبلى معبد الكرة الإنجليزية وأحد أعرق لاعب كرة القدم تم هدمه وأعادت إنجلترا البناء بتكلفة عالية اقتربت من مليارى دولار، وأثارت ضجة فى حينه، وكان الاعتراض الأساسى على التكلفة وليس الهدم وإعادة البناء. وأندية كثيرة وكبيرة هدمت ملاعبها وأعيد بناؤها أو انتقلت بفرقها إلى مواقع أخرى، وأقرب الأمثلة الشهيرة ملعب أرسنال الذى بنى عام 1913 وعرف بهايبرى ثم أصبح استاد الإمارات لمدة 15 عاما بدءا من 2006. أما الملعب القديم فقد طرح البعض أن تتحول أرضه إلى مقبرة لدفن مشجعى أرسنال، وكان ذلك اقتراحا غريبا أو مجنونا، لكن فى التاريخ الكثير من هذا الجنون فى كرة القدم. ثم تحول الملعب إلى أرض سكنية لكى تغطى أرباح المشروع جزءا من تكاليف الاستاد الجديد.. فهل يقبل أعضاء وجمهور الأهلى والزمالك مثلا أن تصبح أرض التتش وزامورا مشروعا سكنيا مع الفارق فى ملكية الأرض وفى طبيعة الناديين والملعبين، فهايبرى كان مجرد استاد بينما التتش وزامورا جزء من مساحة ناد رياضى واجتماعى.
•• الحديث عن ملعبى التتش وزامورا يقودنى إلى مسألة طرحتها من قبل، فبقدر ما أتمنى عودة الجمهور لملاعب كرة القدم، وفقا لقواعد سبق أن تحدثت عنها كثيرا، إلا أن الأمر مختلف بين حضور مباراة وحضور تدريب.. فالجماهير فى دول العالم لا تحضر تدريبات فرقها، فهل من الصواب فتح أبواب الأندية أثناء التدريبات للجماهير.. خاصة أنه تحدث أحيانا مشكلات فنية ونفسية بسبب هذا الحضور الذى يبرره الجميع بأنه لشد الأزر كما يتردد، أو رفع المعنويات، كما يقولون. ألا يسبب هذا الحضور فى ضياع التركيز وتشتيت اللاعبين بجانب التدخل فى عمل المدربين؟