* يحلو لبعض الصح يين والإعلاميين إطلاق اتهامات جزافية. تعتمد علي التعميم والإثارة. ولا تعتمد علي معلومات موثقة مقنعة.. وإذا سألت عن الدليل تأتيك الإجابة التي صارت علي كل لسان: "أنا عارف أنا باقول إيه وليه".. وكأن معرفته تغني عن معرفتنا.. ونحن ما علينا إلا أن نصدق ما يقول. لأنه يعرف.. وفي النهاية نحن لا نصدق.. وحتي إذا صدق البعض مرة أو مرتين. فلن يصدقوا علي طول الخط.
وهناك من يهوي التلويح بنصف الحقيقة. حتي يجذب إليه الأنظار.. ويوحي بأنه مطلع علي الأسرار. وعليم بالخفايا.. وبالتالي فهو قريب من صُناع القرار.. أو من الأجهزة الحساسة في الدولة. التي تخصه بما لا تخص به الآخرين.
الكاتب الصحفي مصطفي بكري. الذي أصبح عضواً في البرلمان الجديد. هاجم بعض الإعلاميين دون تحديد أسماء قائلاً: "هناك بعض الإعلاميين عندهم أراض بـ200 مليون جنيه. مسجلة بأسمائهم وأسماء زوجاتهم.. من أين جاءت هذه الأموال؟!.. مش عايز أتكلم"!!
ولا أدري لماذا لا يريد أن يتكلم. مادام واثقاً من صحة المعلومات التي بين يديه.. لماذا يتعمد ذكر نصف الحقيقة. ولا يريد أن يقولها كاملة؟!.. لماذا يسكت عن مخالفات. أياً كان نوعها. ولمصلحة مَن؟!.. ولماذا سكتت الأجهزة المعنية علي هذه المخالفات. مادامت قد رصدتها. وعرفت أصحابها؟!!
الحقيقة أن كلام الزميل مصطفي بكري. يثير من الأسئلة أكثر مما يقدم من إجابات.. وهذه طبيعة أي كلام يتناول نصف الحقيقة. ويهمل أو يسكت عن نصفها الآخر.
أيضاً الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي. الذي أصبح نائباً في البرلمان الجديد كذلك.. يهدد بفتح الصندوق الأسود للحكومة.. ولنا أن نتساءل: إذا كنت تمتلك صندوقاً أسود للحكومة. فما الذي يمنعك من أن تفتحه اليوم. وليس غداً؟!.. لماذا التأجيل. وخير البر عاجله؟!.. خصوصاً أن الرجل لديه منافذ إعلامية متعددة. يستطيع من خلالها ـ إن أراد ـ أن يقيم الدنيا ولا يقعدها.
ووجه الزميل محمد عمر في مقاله بـ"أخبار اليوم" السبت الماضي. اتهامات خطيرة لثلاثة من أعضاء لجنة الخمسين. التي تولت كتابة دستور ..2014 وكانت قضيته: السؤال عمَّن رشح هؤلاء. أو اختارهم؟!.. ولكنه لم يذكر أسماء هؤلاء المتهمين. واكتفي بذكر تهمهم: الأول قُبض عليه لأنه نصب علي مجموعة مواطنين وأوهمهم أن معه أرضاً للاستصلاح الزراعي. وحصل منهم علي 5 ملايين جنيه. ثم اتضح أن الأرض أملاك دولة.. وعملية النصب هذه كانت قبل وضع الدستور. وكانت معروفة ومثبتة في التحريات. إلي جانب 9 قضايا أخري.. كما أن الرجل مطلوب لتنفيذ أحكام حبس في 4 قضايا.. واستكمل أعمال النصب بعد أن شارك في وضع الدستور.. والثاني مطلوب شطبه من النقابة التي يرأسها. لأنه خالف القانون وتقاضي راتباً من إحدي الجهات. رغم أن القانون يحظر عليه الجمع بين رئاسة نقابته وأي عمل آخر.. والثالث استغل أنه كان عضواً بالفعل في لجنة الخمسين. وسعي للحصول علي قطعة أرض من محافظته بلا مقابل لإقامة مشروع تجاري عليها. لولا أن انكشف المستور.
والآن.. هل المطلوب منا أن نضرب الودع لنعرف من هم هؤلاء. وندرك الحقيقة كاملة. أم نشك في كل من شاركوا في لجنة الخمسين. فربما يكون هذا أو ذاك هو من تحوم الشبهات حوله؟!!
أما الكاتب الكبير الأستاذ محمد فوده. رئيس تحرير "المساء" الأسبق. فقد تناول في مقاله السبت الماضي محاولة تهريب شحنة ضخمة من الحشيش أحبطتها الشرطة. لكنها لم تعلن اسم الشركة المستوردة في مصر. ولا اسم صاحبها.. وهنا يتساءل الكاتب الكبير: لمصلحة مَن يتم تجهيل اسم الشركة. وأيضا تجهيل اسم صاحبها؟!.. فهلا أطلعتمونا علي الحقيقة كاملة من فضلكم؟!!
نعم.. نحن دائماً نريد الحقيقة كاملة. وليس نصف الحقيقة. حتي لا ندخل في دوامات من الشك وتبادل الاتهامات الجزافية.. ونظل دائماً في حالة من الريبة والقلق تنعكس سلباً علي سلامة جبهتنا الداخلية وتماسكنا الاجتماعي.