الأهرام
جمال زهران
محـاولات الإفشـال الرسـمى لزيـارة بريطانيـا
أشارت بعض الاتجاهات العامة على شبكات التواصل الاجتماعى التى أصبحت رافداً مهما لقياس اتجاهات الرأى العام، تعليقاً على الموقف البريطانى السلبى
تجاه مصر، وذلك بالاعلان عن أن الطائرة الروسية قد تعرضت لانفجار أو عمل ارهابى، كما اتخذت الحكومة البريطانية قراراً سريعاً خلال زيارة الرئيس السيسى وأعلن على الملأ بأنها أصدرت تعليماتها للبريطانيين بترك شرم الشيخ فوراً وأنها ستقوم بترحيلهم وقطع إجازاتهم السياحية والعودة الى لندن.
كما أوقفت الرحلات الجديدة إلى هناك وأمرت شركات السياحة بالتوقف فوراً، وكان على الرئيس السيسى أن يقطع رحلته فوراً وترك لندن والعودة للقاهرة حفاظاً على الكرامة المصرية.

لكنى حمدت للسيد الرئيس السيسى، عدم تعجله ترجيح مثل هذا الخيار الذى يعكس عدم النضج الكامل فى تقييم الأمور. فقد أحسن الرئيس باستمرار جولته وزياراته ولقاءاته وفقا للبرنامج المعد سلفاً موضوعياً وزمنياً، وعاد فى الوقت المحدد، ولم تصب الزيارة بأى خلل فى تنفيذ البرنامج. على الرغم من أن الأخبار المدسوسة، ومن أسف يرددها إعلامنا الرسمى والخاص، كانت تشير إلى إلغاء المؤتمر الصحفى بين الرئيس السيسى، ورئيس وزراء بريطانيا (كاميرون)، وهذا لم يحدث، بل كان مؤتمراِ ناجحاً، وكان الرئيس السيسى متألقاً وواضحاً فى كل ردوده واستدرك ماحاولت بعض وسائل الاعلام نسبه للرئيس بغير الحقيقة، خصوصاً ماحدث تجاه الإخوان الارهابيين وأحكام الإعدام التى صدرت بحقهم من القضاء المصرى.

ويبدو أن الحكومة البريطانية كانت تراهن، بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية، على أن جماعة الإخوان الارهابية فى لندن سوف تحشد بالآلاف لاحراج الرئيس، لدرجة أن الأمن البريطانى معروف بالغلظة فى التعامل مع الخروجات القانونية والمظاهرات، وقد ترك الحبل على الغارب للاخوان لتحقيق هدفهم لدرجة تعرض بعض رجال الاعلام المصرى للضرب منهم، وسط تسيب أمنى عمدى من حكومة كاميرون، وهو أمر مؤسف للغاية. إلا أن هذا الرهان فشل تماما. فكان الخيار الآخر هو الاحراج الرسمى من رئيس الحكومة بما صرح به بخصوص الطائرة الروسية التى تحطمت فى مصر، وأشار إلى أن هناك عملاً إرهابياً وراء سقوطها، بهدف احراج الرئيس.

وقد يقود ذلك إلى غضبة، ثم قطع الزيارة وترك بريطانيا، فترتفع الأصوات الاخوانية بأنها هى التى أفشلت الزيارة، وأجبرت السيسى على قطعها، وتدعى أن هناك عملاً إرهابياً قامت به، وبلا مواربة مدعوماً من المخابرات الأمريكية والبريطانية لتبيان أنهما يساندان هذه الجماعة الارهابية لتعود للمشهد السياسى مرة أخرى ويضمنان من خلالها جماعة عميلة فى خدمة المشروع الأمريكى الغربى الصهيونى فى تفكيك المنطقة ،وإحكام السيطرة عليها وعلى مقدراتها للأبد.

ولذلك فقد فشل هذا الخيار أيضاً، واستمر السيسى فى إكمال برنامجه وجميع لقاءاته أو لم يعتذر أحد عن أى لقاء محدد سلفاً، وهو انتصار لمصر ورئيسها فى مواجهة هذه المؤامرة الدنيئة التى شاركت فى صنعها لندن الأمر الذى يستحق مراجعة واحتجاجاً شديد اللهجة. فوفقاً لأعراف وقواعد البروتوكول السياسى بين الدول وعلى مستوى الرئاسات، فانه من غير المقبول، بل ولا يجوز تغيير البرامج ولا جدول الأعمال، باعتبار أن هناك جهوداً سابقة تبذل للتحضير قد تستغرق شهوراً، لا يجب إهدارها. حيث أن هذه الجهود تصاحبها إعداد دراسات واتفاقات لا يجوز الخروج عنها والتباحث فى شئون أخرى غير معدة سلفاً قد تقضى إلى إفشال الزيارة. وكم من الزيارات فشلت فى هذا السياق، فليس من المقبول اقحام واقعة انفجار الطائرة على مائدة المفاوضات أو المؤتمر الصحفى، والمعروف عن الانجليز أنهم شديدو الالتزام بقواعد البروتوكول بعد الفرنسيين والألمان. وقد رأينا كيف تمت زيارة السيسى بنجاح لكل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا على وجه التحديد.

ولذلك فان ماأقدمت عليه بريطانيا يأتى فى بند «الجليطة السياسية» لتعمدها كسر قواعد البروتوكول الرئاسى، ويتطلب الأمر عدم السكوت عنه. وأقترح على السيد وزير الخارجية المصرى، استدعاء السفير البريطانى صاحب التصريحات الإيجابية تجاه مصر وشعبها، ويمكن مراجعة حواراته فى الصحف المصرية قبل وخلال الزيارة، وتقديم مذكرة احتجاج ضد رئيس الحكومة البريطانى وتصرفات حكومته وقراراته المتسرعة، وتحذيره من تكرار ذلك مستقبلاً، استناداً إلى الاستياء الشعبى المصرى مما حدث، وتفادياً فى المستقبل لتعرض رئيس مصر لأى مساس به، لأنه مساس بالشعب صاحب السلطة والسيادة. ولايزال الحوار متصلاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف