عادل السنهورى
ليلة القبض على صلاح دياب وولده
المشهد كان سيئا للغاية ومخيفا، ويحمل فى معناه رسائل قلقة غير مطمئنة، لا ندرى من العبقرى الذى خطط له وأخرجه بهذا الإبداع المفزع على طريقة أفلام السبعينيات، وأصحاب النظارات السوداء والوجوه القاسية لحظة القبض على كاتب أو أديب أو مبدع أو سياسى بمنتهى الغلظة، كأنه إرهابى، والهدف كان معروفا هو تشويه فترة حكم عبدالناصر وإظهارها بالفترة البوليسية وزمن «زوار الفجر»! من له مصلحة ونوايا خبيثة فى إعادة إنتاج الصورة الذهنية عن «زوار الفجر» للإساءة إلى نظام الحكم الحالى، فى مشهد ليلة القبض على رجل الأعمال المصرى صلاح دياب وولده، تنفيذا لقرار النائب العام بالتحفظ على أمواله مع 18 رجل أعمال آخرين فى قضية أراضى مدينة «نيو جيزة» فى 6 أكتوبر. هل كان القبض على صلاح دياب يستدعى هذا السيناريو الأمنى البائس بأفراد أمن شداد غلاظ بنظارات سوداء ومدججين بالسلاح «لكلبشة» رجل غادر السبعين من عمره بكثير، بغض النظر عن طبيعة المخالفة أو حتى الجريمة، ما دامت لم تصل إلى حد القتل والإرهاب، ألم يكن من المقبول والمنطقى أن يستدعى دياب والذين معه إلى النائب العام دون هذا الاستعراض والسيناريو الأمنى للتحقيق معه، فيما ينسب إليه من استغلال أراضى المدينة فى التسقيع، وبيعها بأغلى من ثمنها والتربح من ورائها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لضمان مثوله ومن معه للتحقيق. مشهد القبض على صلاح دياب وولده يعطى رسالة غير جيدة وغير مطمئنة لمجتمع رجال الأعمال والاستثمار فى مصر وفى خارجها، فى وقت نسعى ونلهث لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتشجيع القطاع الخاص الوطنى لضخ استثمارات جديدة فى خطط التنمية الحالية، فهل ما حدث يشجع أى رجل أعمال على الاستثمار، ما دام عرضة لـزوار «الفجر» و «الكلابشات» بسبب تراخى دولة وغياب القوانين والتشريعات والعقود الضامنة لحقوق ومستحقات الدولة فى مشروعات الإسكان الخاصة. فما حدث فى نيو جيزة مشابها لما حدث فى كل المشاريع العقارية للقطاع الخاص فى مصر فى «مدينتى» و«بيفرلى هيلز» وغيرها، واستيقظت الدولة من غفلتها، واكتشفت أنها كانت «عبيطة» فأرادت إعادة فتح الملفات مرة أخرى، ومحاكمة رجال الأعمال التى سهلت لهم الحصول على الأراضى وبأثمان بخسة. قضية صلاح دياب وقبلها هشام طلعت والمغربى وغيرهم من الذين حصلوا على أراضى الدولة تطرح سؤالا مهما: «من يستحق المحاكمة والاستدعاء، رجال الأعمال أم الحكومات التى منحت الأراضى بكل سهولة؟».