بعد ان تحول الدولار في الفترة الأخيرة أشبه بمارد يخرج من القمقم استعصي علي الساحر التحكم فيه، فأخذ يتعملق ويتعملق..خارج حدود السيطرة. حتي ظن الجميع أنه يسير بخطا ثابتة ليصل سعره لعشرة جنيهات وفقا لتأكيدات سماسرة الصرافة، وفتايين الاقتصاد بغير علم . ..ووسط فرحة جماعة الشامتين إياها .. التي لا تفلت من بين أنيابها فرصة أو حدث دون محاولة ﻷن تفقد الشعب ثقته في نفسه وفي حكامه وتحول نظرته لمستقبله الي سواد حالك .. وفقر مدقع .. وشر مستطير ... وبعد أن ظن الخبثاء ومدعو العلم ببواطن الأمور من قارئي طالع الاقتصاد أن الدولار والجنيه قد أصبحا الشتيتين اللذين ظنا كل الظن ألا تلاقيا...
بعد كل هذه الأحداث الدرامية الثقيلة فوجئ عموم المصريين منذ عدة أيام بقرار من البنك المركزي برفع قيمة الجنيه 20 قرشا مرة واحدة ! !
اعجب ما في هذا القرار كان الهدوء الذي صاحب صدوره .. دون أن تسبقه تصريحات نارية بالانحياز للفقراء ... او مانشيتات من عينة أن الدولة بتقطع من لحمها الحي ..ومن مخزونها من الدولار لضبط سعر الجنيه!! والدولة بتصبح وتمسي عالمواطن الغلبان والشريف!! .. من اجل الوطن كما كان يحدث.
صدر القرار دون جلبه !! أفقدت الكثيرين متعة الخوض واللت والعجن في الفضائيات والصحف .عن آرائهم، وتحليلاتهم ومهاتراتهم .. وبنفس الهدوء كان الجنيه يرفع بقيمة كبيرة مرة واحدة لم تحدث من قبل ... وأيا كان المسئول عن هذا القرا ر فإننا نرفع له القبعة ، كما نرفع القبعة أيضا لصاحب قرار رفع قيمة الفائده علي الإيداعات بالبنوك .. والتي جاءت علي عكس رغبة بعض رجال الاعمال من محترفي الاقتراض من البنوك الذين يمارسون ضغوطا متواصلة سعيا لخفض معدلات الفائدة البنكية لتخفيض الفوائد علي قروضهم .. وهنا أشعر أن الدولة وﻷول مرة منذ فترة طويله تنحاز للأغلبية العظمي من الشعب صاحب الايداعات البسيطة التي يرتكن لعائدها لتساعده في مواجهة اعباء الحياة ...
وفاق حدود إعجابي قيام البنوك بإصدار شهادات استثمار بعائد قدره 12.5 % سنويا في خطوة لا تخلو من الذكاء تواكبت مع رفع سعر الجنيه أمام الدولار . لتجبر كل من يحتفظ بالعملة الأجنبية علي التخلي عنها طواعية ،بعد أن أصبح الاستثمار في الجنيه هو صاحب الأفضلية ، وهو ما سيسهم في زيادة الضغط علي الدولار لتنخفض قيمته اكثر واكثر ، وتنهار أحلام المضاربين في العملة ..والمراهنين علي إفلاس هذه الدولة ،وينقلب السحر علي الساحر ... وهنا أجد من الضروري أن ننبه التجار الشرفاء الذين صدعوا رءوسنا بحججهم لرفع اسعار السلع أن الشعب ينتظر أن يري منهم كرامه،وأنه آن الأوان لقيامهم بتخفيض اﻷسعار وأن يراعوا ربنا ويراعوا ضمائرهم ونحن نحيط سيادتهم علما بأن الناس بتشوف وبتفهم ... وأن الشعب ينتظر منهم كثيرا من الامانه ..قليلا من الجشع، وعلي الحكومة مراقبة ذلك حتي تؤتي هذه القرارات ثمارها ،أو حتي تضطر لاتخاذ المزيد من القرارات الجريئة ﻹعادة الأمور الي نصابها الصحيح ..لتظل الأمور تحت السيطرة.