أحمد السرساوى
حكايات مصرية عن الجزر الإماراتية الثلاث
كانت الحياة منتعشة.. وكان الأثرياء في مصر «مصريين وأجانب» مغرمين جدا بنوع أبيض نقي من اللؤلؤ الطبيعي يتميز بكبر الحجم.. استمر هذا الغرام طوال حكم أسرة محمد علي، خاصة خلال فترات الانتعاش الاقتصادي من الثلاثينيات وحتي الخمسينيات.. كانت أعز هدية تُقدم وقتها لجميلات تلك الفترة الغنية من الأميرات وسيدات المجتمع الراقي عقدا أو سوارا مُرصعا بحبات اللؤلؤ .. وفعلا كان أجمل المجوهرات.
المثير هنا.. أن هذا النوع تحديدا من اللؤلؤ لم يكن موجودا سوي في جزر الإمارات الثلاث المحتلة حاليا من إيران.. أبو موسي وطنب الكبري وطنب الصغري التي كان أهلها مهرة للغاية في اصطياده وصقله والتجارة فيه.. أما الآن فإن احتلال تلك الجزر يمثل غُصة مريرة في حلق كل عربي أصيل نظرا لأهميتها الاستراتيجية الكبري في مدخل الخليج العربي ويمثل احتلالها منذ عام 1971 حتي الآن خسارة كبيرة لدولة الامارات الشقيقة ولامكانيات الأمن القومي العربي.
أما قصة الاحتلال وطريقة تنفيذه قبل 44 عاما من الآن وتحديدا يوم 20 نوفمبر.. فهي أكثر إثارة.. كان يوم سبت وكان كل شئ هادئا علي الجزر الثلاث.. هدوء يعكس طبيعة أهلها العرب السمحة المتصالحة مع النفس.. كان الوقت فجرا عندما فوجئ سكان طنب الكبري وقتها وعددهم لايزيد علي عدة مئات بطائرات الفانتوم، التي كانت ايران قد حصلت عليها من واشنطن.. تحلق في فضاء الجزيرة في الوقت الذي بدأت فيه المدمرات تحيط بسواحلها من كل جانب، فأرض طنب الكبري سهول منبسطة تصل مساحتها لنحو 91 كيلو مترا مربعا.. فأخذ الفرس في اجتياح الجزيرة.
تصدي لهم الأبطال من قوة الشرطة المحدودة الموجودة هناك مع بعض الأهالي.. فأطلق الفُرس النار عليهم، ثم انتهجوا خطة مُمنهجة لطرد السكان الأصليين واعادة توطين الجزيرة بأسر ايرانية، تقرر لهم حوافز سخية لتشجيعهم علي الاقامة علي أرضها بعد أن حولتها إلي قاعدة عسكرية ايرانية مدججة بالسلاح، بنفس الأساليب التي استخدمها الصهاينة في مستوطنات فلسطين المحتلة، وهو ما تم أيضا وبنفس السيناريو في الجزيرتين الأخرييين!!
حكايات الجزر الاماراتية الثلاث كثيرة ومليئة بالتفاصيل المثيرة.. من تاريخها العريق الممتد لأكثر من سبعة آلاف سنة.. إلي تآمر الاحتلال البريطاني عليها بالاشتراك مع التاج الإيراني.. إلي بطولات قادة وحكام الإمارات السبع التي تتشكل منها الدولة.. إلي الكنوز التي تزخر بها كل جزيرة.. إلي الموقف المصري المؤيد والمساند للإمارات لحتمية استعادتها بكل الطرق.. الي الجهود المُضنية التي تبذلها دولة الامارات نحو ذلك الهدف مهما كان الثمن ومهما طال الزمن، وهو ما يجب أن يتكاتف عليه كل العرب فهي قضية عربية بامتياز من المحيط للخليج.
■ ■ ■
قال الشاعر عقيل بن هاشم القيني:
أخاك إن الذي يعدو بغير أخ.. كالقوس ليس لها سهم ولا وتر