ليس لي أن أتحدث عن التحقيقات الجارية مع رجل الأعمال صلاح دياب ولكن من حقي مناقشة ما تم تداوله من آراء عقب القبض عليه. خاصة تلك التي تعترض علي القبض عليه من حيث المبدأ.
أقول بداية ان إهانة أي مواطن مصري متهم أو غير متهم أمر لا يمكن قبوله لأن صيانة كرامة المواطن حق دستوري والمعروف ان المتهم برئ حتي تثبت إدانته وحتي بعد الإدانة توجد إجراءات ودرجات للتقاضي والمحاكمة يلتزم أثنائها المسئولون بالقانون الذي يحفظ كرامة المواطن حتي وهو في السجن لقضاء فترة عقوبة عن جريمة. هذه بديهيات أؤكد عليها قبل تناول بعض مما قرأناه حول القبض علي رجل أعمال بحجم صلاح دياب.
قيل ضمن ما قيل في تبرير معارضة القبض علي رجل الأعمال إن الرئيس السيسي في بداية حكمه عقد لقاءات مع رموز مجتمع المال والأعمال وكان في أكثر من لقاء منها يطلب من المهندس صلاح دياب أن يجلس إلي جانبه وكان يستقبله بحفاوة ظاهرة وكانت صورة هذا الاستقبال تنشر بعرض الصفحة الأولي في الصحف القومية.
ويتحجج من يعترض علي ضبط رجل الأعمال بأنه لا يمكن لأي شخص أن يجلس إلي جوار رأس الدولة في لقاء عام ولأكثر من مرة ثم يكون علي هذا الشخص شيء يعيبه وهذه حجة لا أساس لها حيث انه كما قلنا "المتهم برئ حتي تثبت إدانته" وكان دياب وقت هذه اللقاءات موضع بلاغات سابقة تتهمه بالتربح من أموال الدولة ولم توجه له اتهامات محددة حتي تتخذ الدولة موقفاً معادياً له.
حجة أخري تقال وهي ما أطلقوا عليه الجانب السياسي للقضية وملخصها ان المهندس صلاح ليس رجل أعمال من النوع العادي بأي مقياس كما ان وزنه في مجتمع الأعمال ليس أيضاً من النوع العادي بأي معيار ولذلك فإن إجراء من نوع ما جري اتخاذه معه كان لابد من حسابه سياسياً إلي جانب الحساب القانوني سواء بسواء وبالورقة والقلم "سليمان جودة في المصري اليوم بتاريخ 10 نوفمبر".
يفهم من هذا الكلام انها دعوة لتصنيف مواطني مصر إلي نوعين : نوع عادي لا يجب التهاون مع أي هفوة أو تجاوز يصدر عنه ونوع غير عادي "سوبر" يجب التعامل معه ب "الورقة والقلم" وبحسابات السياسة قبل القانون وفي هذا إخلال واضح بمبدأ المساواة التي كفلها الدستور المصري.
صحيح اننا مازلنا في مرحلة لم يطبق فيها الدستور بشكل كامل وكثيراً ما نسمع عن انتهاكات لمبدأ المساواة وننادي مع غيرنا بضرورة الالتزام الكامل بما كفله الدستور لكل مواطن من حقوق ولكن أن تأتي الدعوة لتقسيم المصريين إلي نوعين "عادي وغير عادي" ممن ينادون ليل نهار بالمساواة ووضع القانون فوق أي اعتبار في التعامل مع قضايا الفساد فإنها تكون دعوة في غير محلها مهما كان شأن هذا الذي يدافعون عنه ويدعون إلي "حساب سياسي" لقضية قانونية.
الازدواجية مرض سياسي خطير يعاني منه كثير ممن يتحدثون عن حقوق الإنسان والمساواة بين البشر. يجب التخلص منه حتي نري الأمور بموضوعية ولكي نعلي من شأن دولة القانون.
لقطة :
الدولار يخرج لسانه للجنيه. وأتساءل : هل مازال لدينا مدارس وجامعات وفنادق تحصل المصروفات ونفقات الإقامة بالعملة الأمريكية؟!