الجمهورية
احمد المنزلاوى
سيبويه .. صاحب الكتاب
ما أحوجنا في هذه الأيام إلي أن نتذكره. ونذكره.. ونثني علي جهده. ونشكره. وندعو له بالرحمة والمغفرة.
أحرز النجاح. وكتب الكتاب. فأحسن المنهج. ورتب الأبواب. وشهد له أهل العلم وأولو الألباب. ومات في عز الشباب.
يوافق العام الجاري. 2015م. ذكري مرور 1250 عاماً علي ميلاد و"1219 عاماً علي وفاته" عالم اللغة العربية وإمام النحو "سيبوبه" "148:180هـ - 765:796م".
عمرو بن عثمان بن قنبر "مولي أبي الحارث بن كعب". يُكنَّي بأبي بشر. وشهرته "سيبوبه" وهي كلمة فارسية معناها "رائحة التفاح. أو شبيه التفاح". سمي كذلك لوسامته. وبياض بشرته. وحُمرة وجنته.
ولد بقرية البيضاء ببلاد خراسان "فارس القديمة" إيران حالياً. علي أرجح الآراء. في سنة 148هـ. 765م وتوفي عام 180هـ. 796م "32 عاماً تقريباً".
سافر إلي البصرة بالعراق وهو غلام طلباً للعلم.. بعد أن نال قسطاً منه في بلاده. وتردد علي حلقات الفقهاء والمحدثين. خاصة حلقة حماد بن سلمة بن دينار.
تحدث معه أبوسلمة عن لحنه أو خطأه في فهم حديث شريف. فقرر أن يحول مساره إلي دراسة اللغة العربية وقواعدها. وقال: "لأطلبن علماً لا يلحن فيه أحد".
أخذ النحو عن الخليل بن أحمد الفراهيدي. "صاحب علم العَروض". ويونس بن حبيب. وعيسي بن عمر. وأخذ اللغة عن أبي الخطاب "الأخفش الكبير".
تأثر كثيراً بعلم الخليل. خاصة في النحو. سمع منه وكتب. وتقدم علي طريق العلم بخطي سريعة. ثم رحل إلي بغداد مدينة العلم. وعاصمة الخلافة العباسية. والتقي فيها الكسائي. عالم الكوفة. ومعلم الأمين بن الخليفة العباسي "هارون الرشيد".
عاد إلي إلي وطنه بعد مناظرة حامية مع الكسائي. وهو عالم النحو الكبير علي بن حمزة بن عبدالله بن عثمان. ثم الكسائي. لأنه كان يرتدي ملابس تشي بزهده وفقره.
وسرعان ما مات سيبويه وهو في سن الشباب البكر.. قيل إنه توفي بشيراز. وقيل في همدان.
لم يكن النحو العربي مسجلاً في كتب. لكنه كان محفوظاً علي لسان العرب. حتي كلف الإمام علي بن أبي طالب. عالم النحو أبوالأسود الدؤلي. بتسجيل قواعد اللغة العربية. بعد أن اتسعت الفتوح الإسلامية شرقاً وغرباً.
سجل أبوالأسود القواعد الأساسية للنحو العربي. ومنها الفاعل والمفعول به. والاسم والفعل.. إلخ.
انعقدت الريادة لسيبويه في هذا المجال. بوضع كتاب علي أسس منهجية. سهل ميسر. حسن التبويب والترتيب. وهو أول كتاب علمي متكامل في هذا الفرع.
وورد بالكتاب ذكر أستاذه الخليل بن أحمد مراراً وتكراراً. مقترناً بالدعاء له بالرحمة. مما يدل علي أنه كتبه بعد وفاته.
لم يقتصر الكتاب علي عرض علم السابقين. واجتهادهم.. لكنه أضاف عليه من علمه. ورؤيته النقدية والتحليلية. لكنه لم يضع له عنواناً كعادة أهل هذا الزمان. كذلك لم يكتب له مقدمة. أو فاتحة. ربما لوفاته العاجلة.
وفي تفسير لقبه. قيل إن أمه كانت تدلله وتهدهده وهو رضيع وتقول: "سيبويه. سيبويه" لحسنه وجماله. وحمرة خديه. مثل التفاح.
قال عنه الذهبي: إنه إمام النحو. وحجة العرب. الفارسي. البصري.
وقال عنه الجاحظ: شيخ الكُـتَّاب: "لم يكتب في النحو مثله".
عرف الناس كتاب سيبويه: بالكتاب. أو كتاب سيبويه. وكان له أعظم الفائدة لأهل العربية. والباحثين فيها. والدارسين لآدابها.
وهناك بعض الأسماء أو الألقاب المشابهة مثل: "راهويه": ابن الطريق. لأنه ولد أثناء السفر.. و"مسكويه" أي رائحة المسك. و"ماهويه" أي شبيه القمر.
وآن لنا أن نتعلم من سيبويه حب اللغة العربية وحمايتها. والحرص عليها.. وقبل ذلك. التحدث بها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف