الأخبار
يوسف القعيد
صوتي لأسامة الشيخ وخالد يوسف
هناك من لديه القدرة علي العمل. ولكن الأهم هناك من يستطيع أن يوفر الظروف والمناخ لمن يعمل. حتي يعطي أفضل ما عنده

لو كان لي صوت في دائرة ميت غمر بمحافظة الدقهلية لأعطيت صوتي وبلا تردد للمهندس أسامة الشيخ. ولديّ أسبابي التي لا علاقة لها بصداقتي معه ولا معرفتي به. ولكن لاعتبارات تخص الوطن ومستقبله ومسيره ومصيره. البرلمان القادم برغم كل ما يكتب ضده قبل أن يخرج إلي الوجود سيكون برلماناً حاسماً ومفصلياً. وربما شكَّل الجسر التي تعبر عليه مصر من زمن الثورة إلي زمن البناء.

ولذلك تمنيت لو أن صوتي في ميت غمر. ليكون لأسامة الشيخ. فالرجل رغم أنه مهندس. إلا أنه يمكن القول عنه أنه مهندس إعلام من الطراز الأول. شارك في تأسيس عدد من الفضائيات المصرية والعربية. لولاه ما تأسست. وأصبحت قلاعاً شامخة في الإعلام المصري والعربي. أدارها ليس بعقلية المهندس. ولكن بكفاءة الإعلامي الذي تصورت أكثر من مرة أنه درس الإعلام أكثر من دراسته للهندسة.

كفاءة أسامة الشيخ المهنية وإخلاصه لوطنه يكملهما مهنيته العالية والرفيعة. وقدرته علي التقاط كل ما هو جوهري من الناس الذين يتعامل معهم. بمجرد أن يصافح هذا الشخص أو ذاك. حتي يعمل الترمومتر الداخلي عنده وتتحرك قرون الاستشعار ليضع يده علي أهم ما في هذا الإنسان - بالنسبة للعمل الذي يقوم به أسامة الشيخ - وهو الإعلام ويحاول الاستفادة من طاقاته ومواهبه بأقصي درجة ممكنة.

هناك من لديه القدرة علي العمل. ولكن الأهم هناك من يستطيع أن يوفر الظروف والمناخ لمن يعمل. حتي يعطي أفضل ما عنده. وأسامة الشيخ من هذا النوع من البشر. تخلص من الأنانية التي هي جزء من الطابع الإنساني. وأصبح ينظر إلي مواهب الآخرين كأن إظهارها مسئوليته الشخصية التي لا بد أن يقوم بها مهما كلفه ذلك.

أزمات كثيرة مر بها أسامة الشيخ. وعاصرت طريقة تعامله المتحضرة والراقية مع هذه الأزمات. ومحاولة الخروج منها. فهو مصري أصيل يعرف ما يقوم به. يعتبر أن الإعلام ليس مهنة بالنسبة له. بقدر ما هو هواية وحب وبحث عن ذلك الشئ الذي غزا حياتنا. وأصبح جزءاً مشكلاً لوجداننا. وأيضاً وسيلة للتواصل الاجتماعي. وضبط الواقع الاجتماعي. وإيصال المعلومة للمواطن باعتبارها حق أصيل له.

كان أسامة الشيخ صاحب فكرة ظهور الأستاذ محمد حسنين هيكل في التليفزيون. وأول أحاديث أدلي بها كانت في قناة دريم. وقت مسئولية أسامة الشيخ عنها. ويوم أن فكّر في الأمر. تصورت أنه يقترب من مجهول لا نعرف مداه. ولكن النتيجة كانت أكثر من مذهلة. فهيكل الذي سحرنا بمقالاته عاد يسحرنا بأحاديثه التليفزيونية. وهو النجاح الذي حاولت استثماره أكثر من محطة فيما بعد.

>>>

ولو كنت من أهالي كفر شكر بالقليوبية. لأعطيت صوتي لخالد يوسف، المخرج السينمائي الناجح. الذي كان لأفلامه الفضل في التمهيد للخامس والعشرين من يناير. وأعتقد أنه لولا فيلم: هي فوضي وغيره من أفلام خالد. ما كنا قد وصلنا إلي هذا الحدث الذي غيَّر كل ما في حياتنا.

عرفت خالد يوسف عن قرب خلال تجربة اعتصام المثقفين في وزارة الثقافة. الذي كان مطلبه الأول رحيل الوزير ثم تطور الأمر بعد محاولة العدوان علي المعتصمين، التي دبرتها الإخوان. أصبح الهدف رحيل الحكم. وأتصور أن اعتصام المثقفين في وزارة الثقافة كان مدخلاً أساسياً - ضمن مداخل أخري - لثورة الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو التي خلصت مصر من حكم الإخوان.

كنت أذهب لمكان الاعتصام، فأجد خالد يوسف ومعه الدكتور محمد العدل، ومعهما الراحلة الشهيدة فتحية العسال. ومعهم صاحب العقلية التنظيمية السيناريست سيد فؤاد، وآخرين لو دونت أسماءهم لما كفي المقال، يديرون العمل كأنهم في معركة. ولم يبخل خالد علي المعتصمين بشئ. حتي سيارته الخاصة تركها لمن لديه مشوار. دون سؤال هل للمشوار علاقة بالاعتصام أم لا؟.

كان يأتي لنا من كفر شكر خالد محيي الدين، زعيم حزب التجمع، والرجل الذي وضع الأخلاقيات في مكانها الحقيقي خلال العمل السياسي. وها نحن الآن في انتظار أن يمثل الدائرة خالد يوسف. رغم أنني أعرف أن ترشحه للانتخابات وتركه القاهرة فجأة والإقامة التامة في كفر شكر جعلته يتوقف عن كثير من المشروعات التي كان يعمل عليها من أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية.

خالد يوسف منذ سنوات متفرغ للعمل السياسي. لأنه ربما كان أهم من غيره. لكنه - مثلما فعل أسامة الشيخ - أدرك أن عضوية البرلمان تعلو علي المشروعات الخاصة والمصالح الشخصية. لأن الوطن يعلو علي الجميع. ومصير مصر يجب أن يؤرقنا جميعاً ويحرمنا حتي من لحظات النوم .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف