محى السمرى
رسالة للدكتور أحمد زكي بدر!!
ابدأ رسالتي للدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية بسؤاله عن رأيه في الكوارث التي حدثت في الاسكندرية ووادي النطرون وبعض مدن وقري الوجه البحري نتيجة سقوط الأمطار؟!
اعتقد يا سيادة الوزير أنك تشاركني الرأي في أن سبب هذه الكوارث يعود أصلا الي المخالفات الصارخة في أعمال البناء.. ولهذا عانت الاسكندرية أشد المعاناة أثناء سقوط الأمطار في الأيام الماضية لدرجة أن الشواطئ التحمت بالبحر الذي غمرها بمياهه حتي بات من الصعب التفرقة بين البر والبحر.. وطبيعي أن يكون سبب تجمع كل هذه المياه وعدم استيعاب مصارف مياه الأمطار لها.. هو هذا البناء العشوائي للابراج السكنية التي ارتفعت بصورة مذهلة في معظم شوارع الاسكندرية.. لقد لعب الفساد دورا كبيرا في مخالفات البناء ــ لا نسمح بهدم الفيلات ــ أو لم يسمح في احوال كثيرة ورغم ذلك تم هدمها في جنح الظلام ثم يرتفع البناء بدون الحصول علي تراخيص وطبعا لم يتم استيفاء شروط توسعة المرافق والبنية التحتية.. فأصبح ما كان مخصصا لخدمة عدد محدود من سكان الفيلات هو نفسه الذي يخدم سكان أكثر من 11 طابقا.. ومن هنا امتلأت الشوارع بالمياه وصار أمراً سيئا عندما رأيت بعض المواطنين يحملون مواطنين آخرين لعبور الشوارع.
والحقيقة المرة أن هذا الفساد ليس وليد اللحظة أو وليد سنوات قليلة مضت ولكنه تم في عهود عدد من المحافظين وكانت حجتهم في ذلك السماح بمخالفات البناء مقابل سداد غرامات يتم استخدامها في انشاء بعض المشروعات.. ولم يقف الأمر عند حد الأمطار بل تعداه إلي الصرف الصحي الذي أصبح يعاني من غزارة المياه بدون تصريف واختلط الحابل بالنابل.. ولم يكن هناك من يستجيب لحل المشكلة وهكذا كانت البداية وايضا النهاية.
يا سيادة الوزير لعلكم توافقونني الرأي في أن الأمطار التي كانت تسقط علي الاسكندرية زمان تجعلها نظيفة اذ سرعان ما تبتلعها المصارف وتجف الشوارع.. والحقيقة أن أبراج الاسكندرية كلها ومبانيها القديمة المتهالكة في حاجة سريعة الي دراسات حتي لاتحدث كوارث أخري.. وإذا لم يمكن إزالة الأدوار المخالفة ففي هذه الحالة اقترح تحصيل غرامات يخصص لها صندوق لانشاء البنية التحتية وتوسيع وتطوير شبكة المرافق.
ونفس الحال بالنسبة لباقي المحافظات التي تعرضت لكوارث الأمطار وغيرها.. فإن الأمر يستلزم قيام لجان هندسية لمعاينة وتقرير مدي صلاحيتها تداركا لأي كارثة توقعة وايضا الأمر يحتاج الي ضرورة تحصيل غرامات توضع في صندوق لانشاء مساكن ايواء وايضا تحسين شبكات البنية التحتية.
والواقع أنه لابد من البحث فوراً عن ايجاد مساكن لكل سكان البيوت المتهالكة وأعتقد أن الصحراء لدينا شاسعة ويمكن اقامة مجتمعات عمرانية جديدة لهؤلاء التعساء من سكان العشش والبيوت المتهالكة.. وكل يوم نسمع عن سقوط ضحايا من الذين يسكنون فيها.. انهم بالفعل في حاجة الي من ينقذهم من هذه القبور!!
يا سيادة الوزير انني اخاطبك بصفتك المسئول عن كل محافظات مصر.. فهذا قدرك.. وبالتالي فإن أحمال المحافظات الثقيلة كلها تقع علي عاتقك وبالتالي فإن المسئولية تحتم عليكم كل ما يجري من أحداث.. والمسئولية هنا ليست فقط في تراخيص البناء أو الاسكان.. ولكنه يمتد الي أنشطة كل الوزارات من صحة الي تعليم الي سياحة الي تدبير الموارد المالية.. كل شيء موجود في مصر.. هو قائم في المحافظات التي تتبعكم ولانني أعلم مدي الحسم الذي تتمتع به.. والذي يمكن من خلاله ضبط كل انفلات.. وخاصة المذابح التي تجري علناً وسراً في هدم الفيلات والبيوت قليلة الارتفاع لكي يحل محلها ابراج يتراوح ارتفاعها بين 9 و11 طابقا.. الأمر يؤدي بالتأكيد الي حدوث كوارث خاصة إذا سقطت أمطارغزيرة مثل تلك التي سقطت في الاسكندرية والوجه البحري.. والحقيقة أن الشوارع في معظم احياء القاهرة والمدن الرئيسية الأخري ضاقت بهذه الأبراج العالية لأن المرافق ثابتة لم تتغير سواء كانت في خدمة عشرة أشخاص أو مائة شخص وبالتالي فان انفجارات مواسير المياه والصرف الصحي أصبح أمرا متوقعا.. والشوارع أصبحت مزدحمة بل مسدودة في معظم الأحيان ولم يعد هناك رصيف واحد للمشاة.. يضاف الي ذلك استحالة عبور المشاة في معظم الطرق لازدحامها وعدم وجود اشارات تلزم السيارات بالتوقف لعبور المشاة حتي أن هناك من يستخدم سيارة أجرة لعبور الطريق من اتجاه للاتجاه الآخر.
ويحضرني كذلك ما نشاهده في عدد من شوارع مصر الجديدة التي تحولت بقدرة قادر من طرق الي معارض للسيارات.. وبالتالي أصبحت تعوق حركة المرور بعد أن استولت علي الجزء الأكبر من الطريق وسمحت بسيارة واحدة للمرور والسؤال هل الحي أجر الشارع لهذه المعارض أم أن هناك اسبابا أخري قد لا نعرفها مع أن هناك مسئولية اخري أطرحها عليكم هي انتشار المقاهي والمطاعم بصورة مذهلة وامتلأت الشوارع والادوار الارضية من العمارات والبيوت بهذه المقاهي والمطاعم وارتفعت اسعارها بصورة جنونية والغريب أن كلها أو معظمها تعمل بدون ترخيص.. وقد سمعت يا سيادة الوزير أنكم في طريقكم لمراجعة ملفاتها كلها فإذا لم يكن هناك تراخيص.. سيتم اغلاقها.. والسؤال هل فعلا ما سمعته صحيح أو انه مجرد أمل؟!