الشباب الضائعون!
وليس المقصود بذلك الشباب الفارون من أوطانهم إلي أوروبا. سواء بسبب الحروب أو بسبب الظروف الاقتصادية في بلادهم!!
المشكلة أن أوروبا أو "القارة العجوز" كما يحلو للبعض تسميتها. أصبحت أيضا. في سباق مع الزمن لإنقاذ الشباب الذين أصبحت بعض وسائل الإعلام تطلق عليهم وصف "الجيل الضائع"!!
وكما هي الحال في البلدان النامية. تمثل أزمة البطالة في أوروبا أكبر خطر يهدد المجتمع نتيجة لتعثر الظروف الاقتصادية. حيث تبذل منطقة اليورو جهودا مضنية لانقاذ جيل ضيعته البطالة.
ورغم كل ما يقال عن التحسن في قيمة العملة الموحدة. بعد الانخفاض الذي سجلته أسعار البترول وانخفاض معدلات الفائدة. فإن البطالة تضرب بأطنابها وسط أمراض اقتصادية وسياسية تعاني منها منطقة اليورو.
وتشير الأرقام إلي أن البطالة في دول العملة الموحدة سجلت ارتفاعا طفيفا في أغسطس الماضي حيث وصلت إلي 11% وتوضح الإحصاءات الأوروبية مدي المعركة التي تخوضها أوروبا ضد البطالة الدائمة.
فمن بين حوالي 18 مليون عاطل في منطقة اليورو. خلال الربع الأول من العام. تمكن حوالي 1.4 مليون من الحصول علي عمل في الأشهر الثلاثة التالية. ولم يحالف الحظ حوالي 65% في العودة إلي العمل.
وهذه الأرقام مجرد مؤشر علي المشكلة المزمنة للبطالة طويلة الأجل التي تمثل وباء في منطقة اليورو.
وتعرف البطالة طويلة الأجل بأنها تلك التي تدوم لأكثر من عام وهي تمثل تطورا خطيرا يقض مضاجع خبراء الاقتصاد. كما يشهد هذا النوع من البطالة تزايدا رغم الانتعاش الأخير في ثروة منطقة اليورو. فهناك 15% من العاطلين لم يجدوا وظيفة منذ أكثر من أربع سنوات.
والبطالة في أوروبا ليس سببها نقص العمالة المدربة أو المؤهلة. حيث يصفها الخبراء بأنها خسارة تدريجية في المهارات العالية ويجب عودتها لسوق العمل. وتؤدي هذه البطالة لظاهرة يطلق عليها الاقتصاديون "التباطؤ" وهو يحدث عندما تتحول البطالة طويلة الآجل الي بطالة دائمة.
وتبين الأرقام أن اليونان بوجه خاص استسلمت لقوي التجمد والتباطؤ هذه فهناك أقل من 9% فقط من العاطلين اليونانيين نجحوا في الحصول علي عمل خلال الربع الثاني من العام. وهذه النسبة تقل عن نظيراتها في بعض أفقر المناطق بالدول غير المنضمة للوحدة النقدية الأوروبية. مثل بلغاريا وبولندا ومقدونيا.
لكن المؤشرات واضحة وأصبحت أثينا وضواحيها تحمل لقب عاصمة البطالة المخزية طويلة الأجل في أوروبا.
والأكثر احتمالا أن التباطؤ سيمسك بتلابيب هذه الحالة اليونانية من الركود الأبدي. ويقال إن اليونان تجسد أفضل مثال للمعاناة من التباطؤ بمنطقة اليورو. بما يفوق الكساد الكبير الذي عانت منه أمريكا في الثلاثينيات.
المشكلة لا تقتصر علي وقتنا الحالي. حيث يمكن أن تتكرر. فهناك قوي مماثلة أمسكت بخناق الولايات المتحدة خلال فترة الكساد الكبير وظهرت في أوروبا أثناء فترة الكساد في السبعينيات والثمانينيات.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود ها هي القارة تعاني مرة أخري حيث أصبح صناع القرار في حيرة من أمرهم. ووفقا لحسابات البنك المركزي الأوروبي. فإن معدل البطالة الذي يقترب من 11% سوف يستمر.
لكن الأمل في حدوث انفراجة مالية ليس مطروحا في دول العملة الموحدة التي تركز اهتمامها علي تحقيق أهداف الميزانية باعتبارها أفضل وسيلة لتنأي بنفسها عن أزمة مالية عالمية جديدة تلوح في الأفق.
والمعروف أن الأزمات الدورية هي من عيوب النظام الرأسمالي الذي يسود العالم حاليا.