المساء
محمد جبريل
الاتحادالسكندري
في نهاية كل موسم رياضي. يبدأ صراع المقدمة والمؤخرة في دوري كرة القدم. أقرر أن أفضها سيرة. وأمتنع عن جلستي أمام التليفزيون. أشاهد المباريات. أخص بالتشجيع نادي الاتحاد السكندري. أمني النفس بأن يحصل علي مركز متقدم. ينافس الأهلي والزمالك علي البطولة. أو يبلغ المربع الذهبي. لكن الرياح تأتي ـ في كل مرة ـ بما لا تشتهي السفن. بما لا تتمناه النفس. ما يكاد الدوري يقارب الانتهاء حتي يدخل الفريق دوامة الهبوط. ونلجأ إلي حسبة برما. نقارن موضعه في الجدول ضمن الفرق التي تقترب منه في المراكز الأخيرة. هل يستطيع الابتعاد عن الحافة؟
أحب الاتحاد السكندري لأنه ـ منذ صباي ـ تكوين مهم في المشهد السكندري. كنت أشاهد مباريات لاعبيه في الخميسينيات. علي الأرض الخلاء المقابلة لقصر رأس التين. أو الساحة التي صنعها الردم علي شاطيء الأنفوشي. يشارك في المباريات ـ أحيانا ـ لا عبون من فرق القاهرة والمدن الأخري. الفرجة بقرشين. تعود حصيلتها إلي جيوب اللاعبين مورد رزق اضافياً. إلي جانب الجنيهات القليلة التي كانوا يحصلون عليها من أنديتهم لم يكن غول الاحتراف قد ابتلع الرياضة الجميلة. وتحولت إلي سبوبة للآلاف من اللاعبين والمشرفين الفنيين والمدربين ومساعدي المدربين وتسميات أخري كثيرة يعبر عن جزء منها ذلك الصف الجالس علي دكة الاحتياطي لكل عمله وتخصصه.
شعرت بالاعتزاز لإصرار لاعبي فريق الاتحاد علي الصعود بناديهم إلي الدوري الممتاز تيقنوا أنهم هم السبب في هبوط النادي آنذاك. وأصر الديبة وكمال الصباغ وفهمي جميعي وسعد راشد وكاتو وغيرهم علي مجاوزة التقصير. وأفلحوا بالفعل ـ في السنة التالية ـ هجر دوري المظاليم. وهي التسمية التي أطلقها عليه الناقد الرياضي الراحل نجيب المستكاوي.
عرف عن الاتحاد السكندري ـ من يومها ـ صعوبة التغلب عليه في أرضه. ونافس علي المواقع المتقدمة في الدوري. وفاز بالكأس أكثر من مرة لكن الخط البياني للفريق تبدل في السنوات الأخيرة. فهو يبقي ـ بالكاد ـ في الدوري الممتاز ربما بدعوات أبناء الإسكندرية. وليس بإجادة لاعبيه.
في مقدمة الأسباب ذلك الحرص الغريب من لاعبي الاتحاد علي أن يضعوا ناديهم دوماً علي حافة الهبوط. فغالبيتهم ليسوا من أبناء النادي. غاب العشق الذي مثله جيل الديبة والصباغ ثم جيل الستينيات ممثلاً في فؤاد مرسي وأحمد صالح ومحمد جابر وسمير مخيمر وأحمد يعقوب وعشرات غيرهم جعلوا من فريق الاتحاد السكندري رقماً صعباً في الدوري الممتاز.
ثمة أسباب أخري تتصل بغياب قيادات إدارية مهمة مثل أنور عبداللطيف والقاضي أدركت معني الاتحاد السكندري في نفوس أبناء المدينة. جاءت قيادات تتطلع إلي مآرب أخري. حاولت الإفادة من رئاسة النادي في الحصول علي مكاسب سياسية. أو وجاهة دون أن يعنيها إلا أن يظل الفريق في الدوري الممتاز غابت عن اللاعبين ـ لأن غالبيتهم للأسف رديف أندية أخري ـ روح الفوز. والطموح إلي المكانة المتقدمة وكم حزنت لقول رئيس سابق للنادي يجد في تعادل الفريق خارج أرضه غاية المراد من رب العباد!
مسئولية نادي الاتحاد السكندري يجب أن يتولاها من يحرصون علي مكانته لا كمجرد ناد رياضي بل هو ـ حسب رؤية أبناء الإسكندرية لناديهم العتيد ـ تكوين مهم في مشهد المدينة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف